على مقربة من عيد الأضحى المبارك، الذي حتما سيكون وقعه هذه السنة مؤثرا على جيوب المواطنين المنهكة من كثرة الزيادات في الأسعار التي لا تقف عند حد. لقد روجت الحكومة عبر بيان لوزارة الفلاحة قالت فيه إن أسعار الأغنام والمعز هذه السنة لن تكون مختلفة عن السنة الماضية. مع كامل الأسف الشديد أن الحكومة في هذا البيان تروج لـ”المغالطة” حتى لا نقول شيئا آخر، لأن الحكومة نفسها، التي أصدرت هذا البيان، لا تصدق أن الأسعار المتعلقة بأضحية العيد مثلها مثل السنة الماضية لأن الواقع شيء آخر.
أضحية العيد التي يشتريها المواطن هي خلاصة دورة كاملة من الإنتاج. الحكومة أرادت ببيانها المذكور إلغاء هذه الدورة وكأن الكبش يأتي بنفسه لدى المواطن دون هذه الدورة. لكن العملية معقدة. فالأضحية قبل أن تدخل تكون في حاجة إلى الأعلاف قصد تسمينها. ولا ندري هل العلف تنقله الحكومة مجانا إلى “الكسّابة”؟ أول ما ينبغي ذكره هو أن الأعلاف ارتفعت أسعارها بعد الحرب الأوكرانية، نتيجة غلاء الشعير وكثيرا من المواد المستعملة في صناعة علف المواشي.
إذن بعملية بسيطة فالعلف سعره ارتفع بشكل من الأشكال، ويضاف إلى ذلك نقل العلف إلى الأمكنة حيث القطيع، الذي يتطلب مبالغ إضافية نتيجة ارتفاع أسعار النقل نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات، وبالتالي يكون “الكسّاب” قد أضاف مبالغ كثيرة في عملية الإنتاج، فحتى لو اشتريت الكبش من “الزريبة” لن يكون بنفس الثمن الذي كان عليه السنة الماضية، لكن سيضاف إليه أيضا الزيادة في أسعار النقل نحو “الأسواق” بمختلف المدن، التي تكلف أصحابها مبالغ إضافية وبالتالي سيرتفع سعرها عند البيع.
هذه العملية هي وسيلة للاستدلال على مغالطة الحكومة، وقد يكون الأمر أكثر حتى مما نتصور نحن، ولكن من وعد الناس بأمور “فلكية” قبيل الانتخابات، وتخلى عنها بعد الفوز برئاسة الحكومة، لن يصعب عليه أن يزعم أن أسعار الغنم لن ترتفع، وهو الذي وظّف مؤثرا من أصحاب “روتيني اليومي” بـ200 مليون سنتيم ليقنع المواطنين أن غلاء الأسعار لا علاقة للحكومة به، فهو قضاء وقدر.
وأصبحت ظاهرة استغلال أصحاب “روتيني اليومي” في الدعاية لمشاريع الحكومة “الفارغة” مألوفة، إذ استدعت الوزيرة فاطمة الزهراء عمور “المؤثرين” ومنحتهم مليارين و300 مليون سنتيم قصد الترويج لبرنامج “فرصة” ولم ينجز المؤثرون شيئا ولم يستقطب البرنامج سوى 37 من أصحاب الملفات.
اليوم انتقل أخنوش من مرحلة إلى مرحلة أخرى، فبعد الهيمنة على الصحافة والإعلام إلا ما نذر منها وهو يواصل طريقه في القضاء عليه، وبعد شراء أصحاب “روتيني اليومي”، انتقل رئيس الحكومة ورئيس “تجمع المصالح الكبرى” إلى إسكات المدافعين عن حقوق المستهلك، عبر تعيين البعض منهم في مناصب مهمة، وما لم يأت بالترغيب المالي يأتي بالترهيب القانوني مثلما فعل وهبي مع جمعيات حماية المال العام.