شدد أحمد لحليمي المندوب السامي للتخطيط ، على أن التضخم في المغرب محلي وليس مستوردا، وسببه هو ضعف الإنتاج الداخلي وليس ارتفاع الطلب، وأكد لحليمي ، أن السبب الرئيس للتضخم هو المواد الغذائية الأساسية، فإذا كانت نسبة التضخم العام هي 10 في المائة، فإن التضخم في المواد الغذائية يبلغ أكثر من 20 في المائة، وأشار أن التضخم سيصبح معطى بنيوي في المغرب، وعلينا أن نعتاد على التعايش معه، مثل الجفاف الذي أصبح اليوم عاملا هيكليا في المغرب خلال السنوات الأخيرة.
وشدد لحليمي ، أن السبب الرئيسي للتضخم في المغرب، هو نقص الإنتاج أي العرض الداخلي وليس الطلب، وبذلك فلسنا أمام حالة تضخم مستورد، لأن الغذاء وخاصة الفواكه والخضروات يتم إنتاجها محليا في المغرب، وأبرز أن الفلاحة في المغرب بحاجة إلى ثورة من أجل تغيير نظام الإنتاج والتركيز على السيادة الغذائية، وإنتاج ما نستهلكه في المقام الأول، وهذا أمر من الضروري العمل عليه، كما سجل لحليمي أهمية الاعتماد بشكل كبير على التقدم التقني والتكنولوجي لتحسين المردود الزراعي، مؤكدا أن القطاع الفلاحي يحتاج إلى ثورة من أجل الحصول على نمط إنتاج جديد، وتابع ” أنه بعد سنتين من الجفاف وسنة ثالثة شبه جافة أصبح الإنتاج الفلاحي للمغرب أقل من ذي قبل، وبالتالي أصبح لدينا مشكل في العرض”.
وأوضح أن التضخم سيتراجع عندما ينفذ المغرب الإصلاحات المتعلقة بتحسين الإنتاج، مع تشديده على أهمية “تطهير” عملية التوزيع، واعتبر لحليمي أن السياسة النقدية ليست حلا لمشكل التضخم، بل ما نحتاجه هو إصلاحات هيكلية لسياسات الإنتاج.
وأكد لحليمي، على أهمية احترام الرأي العام واعتباره ناضجا والتصريح بالحقيقة، ليكون المغاربة على وعي بالإصلاحات التي يجب أن تطبق، وأضاف ” ما يجري هو العكس تماما، يقال إن كل شيء على ما يرام، ومشكل التضخم سيحل بالآليات النقدية وهذا غير صحيح ويسعد فقط المنظمات الدولية”.
ووصف لحليمي سياسة كلا من الحكومة وبنك المغرب بـ “السكيزوفرنية”، فمن جهة نطلق مشاريع تمويلية موجهة للشباب مثل “أوراش” و”فرصة”، ومن جهة ثانية نرفع من تكلفة التمويل الاقتصادي.
وأوضح أن المقاولات التي اقترضت إبان أزمة كورونا ستجد اليوم صعوبة في تسديد ديونها بالنظر إلى رفع سعر الفائدة، منبها لغياب الانسجام ما بين السياسة المرتبطة بالميزانية (الحكومة)، والسياسة النقدية (بنك المغرب، وفي رده على سؤال “ميديا ” متعلق بإمكانية تحقيق نسبة نمو تصل إلى 4 في المائة كما وعدت الحكومة في برنامجها، قال لحليمي إن التوقعات الحالية هي 3.3 في المائة، وهذا الرقم بنفسه ستتم مراجعته في شهر يونيو، لكن إجمالا من الصعب تحقيق نسبة نمو أكبر في هذه الظروف.
و كشفت المندوبية السامية للتخطيط ، ان الارتفاع الحاد في معدل التضخم خلال سنة 2022 يعد هو الأعلى منذ 30 سنة، وبالضبط منذ 1991 حيث بلغ التضخم (+ 8.2%).، وأوضحت المندوبية أن الارتفاع الحاد في التضخم البالغ 6.6% الذي تم تسجيله في السنة المنصرمة، يعزى بشكل أساس إلى ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية بـ (+ 11.0٪) والوقود بـ(+ 42.3٪).
ووصفت المندوبية معدل التضخم لعام 2022 بالتاريخي، حيث تضاعف عدة مرات بالمقارنة مع السنتين السابقتين، إذ بلغ 1,4% عام 2021، و0,7% في عام 2020، وسجلت مندوبية التخطيط التسارع الكبير للتضخم المستورد في المغرب، بسبب الأزمات المتتالية والارتفاع البارز في أسعار المحروقات، حيث إن المنتجات القابلة للتبادل عرفت زيادة بـ9.1%، في حين عرفت المنتجات غير القابلة للتبادل زيادة بـ 3.2% فقط، وأوضحت المندوبية أن المقصود بالمنتجات غير القابلة للتداول، تلك التي لا يتم تداولها دوليًا، وهي السلع والخدمات التي يجب أن يكون المنتج والمستهلك فيها في نفس المكان، والمنتجات ذات القيمة المنخفضة للمعاملات بالنسبة إلى وزنها أو حجمها، وبعض المنتجات غير قابلة للتداول بسبب تكاليف النقل التي تمنع المنتجين من تصديرها بشكل مربح، في حين أن المنتج القابل للتداول هو السلعة التي يمكن بيعها في بلد آخر، وبذلك فإن الارقام تبرز ان التضخم بالمغرب مستورد بالأساس.
وأبرزت أن التضخم في عام 2022، يعزى إلى عوامل المنشأ الخارجي، بعد الاختلالات التي عرفتها سلاسل التوريد بعد جائحة كورونا، وهو ما زادت من حدته الحرب في أوكرانيا، إضافة إلى الانعكاس السلبي للتضخم الذي عرفته دول أوروبا الشركاء الاقتصاديين الرئيسيين للمغرب.
و كشف تقرير جديد، ان التضخم بالمغرب وصل إلى أعلى المستويات منذ 30 سنة، وأشار التقرير الذي يشمل الفترة ما بين 16 و22 دجنبر الجاري، أنه ” في سياق تسارع التضخم بالمغرب إلى أعلى المستويات منذ 30 سنة، أي بنسبة 8,3 في المائة في شهر نونبر 2022، يواصل بنك المغرب سياسته التقييدية من خلال منح الأولوية لاستقرار الأسعار”، وأبرز أنه في أعقاب اجتماعه الأخير حول السياسة النقدية برسم سنة 2022، رفع بنك المغرب سعر الفائدة الرئيسي بـ50 نقطة أساس إلى 2,50 في المائة، تماشيا مع توافق السوق.
ولفت إلى أن البنك رفع توقعاته للنمو والتضخم برسم سنة 2022 إلى 1,1 في المائة و6,6 في المائة على التوالي، وخلال هذا الأسبوع، رفع البنك حجم تدخلاته من خلال عملياته الرئيسية بـ 5,1 مليار درهم في غضون أسبوع إلى 109 مليار درهم، بحيث ارتفعت التسبيقات لمدة 7 أيام بمبلغ 7,3 مليار درهم إلى 63,7 مليار درهم، فيما تراجعت القروض المضمونة بـ 1,7 مليار درهم إلى 23,8 مليار درهم، نتيجة انتهاء صلاحية ثلاثة خطوط تزيد قيمتها عن 10 مليار درهم وإنشاء خطين جديدين بقيمة إجمالية قدرها 8,5 مليار درهم.