سناء البوعزاوي
في الكثير من الأحيان يواجه الآباء العديد من التساؤلات و الاستفسارات من طرف فلذات أكبادهم ،وغالبا ما تكون هاته الأسئلة محرجة ، أو يستعصي على الوالدين الإجابة عنها ،فيكونون في حيرة من أمرهم ، هل يجيبون بكل صراحة ،أو يختلقون أجوبة وهمية لا واقع لها ؟ أو بالأحرى يتجاهلون و يتفادون الجواب ؟
كل هاته الأسئلة مطروحة و بقوة عند الآباء و الأمهات ، و لا يجدون في غالب الأحيان جوابا مقنعا للاستفسارات التي يواجهونها ،خصوصا الجنسية منها والتي يعتبرها البعض طابوهات لا يجب التحدث عنها ، وقد تصل إلى توبيخ السائل و منعه الإستمرار في طرح هاذا النوع من الأسئلة .
بادئ ذي بدء، على كل أم وأب، أن تجيب على كل سؤال بحكمة ووعي وطريقة ذكية ، حتى لا يذهب الإبن يستفسر شخصا آخر ،أو صديقا يمكن أن يمرر له مغالطات ، ستأثر لا محالة على تفكيره وتوجهه، على الإبن أن يحس بأن كل أسئلته يجد لها تفسيرا منطقيا عند الوالدين و يتأكد أنهما فقط ملجؤه الوحيد والموثوق .
في مقالنا هاذا ، سوف نعرض أبرز الأسئلة الجنسية المتداولة لدى الأطفال ، ومتى وفي أي عمر يبدأ هاته التساؤلات و كيف نتصرف حيالها ؟
قبل أن ندخل في خضم الموضوع ، لماذا في الأساس يطرح الطفل سؤالا جنسيا ؟ أو بعبارة أخرى ،هل في عرف الكبار هاذا السؤال المطروح من قبل الإبن ،هو ذو طابع جنسي ؟
في بعض الأحيان الأهل هم الذين يخطؤون في تأطير تساؤلات أبنائهم ، ويضعونها في خانة الجنس ، في حين أنها تكون غالبا منطلقة من تفكير و بعد مغاير تماما ، حيث أنه في سن الطفولة يكون هناك سبات و كمون جنسي ، بمعنى آخر ليست هناك أية إثارة جنسية في هاته الفترة ، علميا ثبت أن الغدد المتعلقة بالنشاط الجنسي ، لا تكون قد نضجت بعد، ولا يوجد البثة محرك له ، فأسئلة الطفل غالبا ما تكون لحب الإستطلاع و التقصي ، و هو أمر فطري يعيشه كل طفل طبيعي ، فما يثير اهتمامه أو انتباهه ، و ما يسمعه من معلومات أو كلام من صديق حول أمر معين لا يفقه فيه شيئا ، فبطبيعة الحال سيتوجه إلى الأهل لإشباع فضوله ، ووضع حد لحيرته .
ومن بين أبرز الأسئلة التي يطرحها أغلب الصغار ؛ من أين يأتي الأطفال ؟ أو كيف يأتي الطفل إلى هاته الدنيا ؟ و أين يكون قبل ذلك ؟ وكيف ولدتني يا أمي ؟ كيف نسمي الأعضاء التناسلية ؟ كيف للأم صدر كبير و الأب لا؟ لماذا لا تصلين يا أمي ؟ لماذا الأولاد ليست لديهم الدورة الشهرية ؟ والقائمة لاتنتهي من الإستفسارات التي يمكن تلقيها من الأطفال و التي يستعصي على الوالدين الإجابة عنها ، أو بالأحرى كيفية صياغة الجواب في قالب معقول ، ودون إحساس بالإحراج ، و في نفس الوقت يجدون أنفسهم مجبرين على الإجابة لتجنب خطورة احتمال لجوء طفلهم إلى شخص غير مناسب لرفع حيرته ، فبدل أن يعزز المشاعر السليمة تجاه الجنس عند الطفل ، يصور له صورا وهمية فيضلله أو يخيفه أو يثيره . لذا سنقدم بعض الأجوبة الشاملة و المهمة لمواجهة مثل هاته الأسئلة و المواقف.
تجدر الإشارة إلى أنه لا توجد طريقة واحدة أو نموذج منفرد للرد على أسئلة الأطفال عن الجنس ، فالقيم و أنماط التربية تختلف من أسرة إلى أخرى و من حق ألأهل أن ينقلوا قيمهم الشخصية لأطفالهم و هم أيضا ، المبدعون في ابتكار الأساليب الأفضل للتعامل مع أطفالهم لأنهم الأقرب إليهم و الأكثر معرفة بهم ، و سنعطي هنا بعض النمادج لأسئلة الصغار و كيفية الرد عليها ؛ فمن السنة الثالثة حتى السنة السادسة ، يمكن أن يسألك ابنك : ماما من أين يأتي الطفل؟ هنا من الأفضل للأم أن تقول ، إنه يأتي من بطنها ، و يكبر فيه إلى أن يصبح جاهزا للخروج ، تتوقف هنا إلى حين أن يسأل الطفل : من أين يخرج؟ يمكن للأم حينها أن تأتي بدمية وتشرح للطفل أن هناك فتحة لخروج الطفل ، وتدل الأم على وجودها على جسد الدمية . وإذا كانت الطفلة الصغيرة هي التي طرحت السؤال ، ربما ستسأل هل أنا لي مثلها ؟ ويكون الجواب طبعا كل الفتيات لهن نفس الشكل كي يصبحن أمهات .
أما عن الفترة التي تمتد من 6سنوات إلى إثناعشر سنة ، فعندما يطرح الإبن من أين جئت يا ماما ، فالجواب يكون مغايرا في الشرح عن فترة الطفولة الأولى ، فيكون الرد الأمثل هو أنه يوجد بجسم الأم جزء يسمى البويضة ، يوجد في مكان آمن يسمى الرحم ، يقيم فيه الطفل بأمان يأكل و يشرب حتى يخرج إلى الحياة ، أما عن أسئلة الدورة الشهرية ، فأحسن وقت لإعطاء معلومات عنها ، هو سن الثامنة أو التاسعة للفتيات ، تجنبا لما قد يصيبهن من خوف أو فزع عند البلوغ .
أما عن السؤال المتداول عن اختلاف جسم الولد عن البنت فالرد و الجواب المثالي هو أن الله خص البنت بالحمل و إنجاب الأطفال ،والولد لا يمكنه ذلك ،وهاذا يبرر هاذا الإختلاف ، وممكن أن تدرج أاي جواب في أربع خانات ! فهناك الخانة الدينية ،الخانة الإجتماعية ، الخانة الغريزية وأخيرا الخانة العلمية .
فعلى سبيل المثال ، إذا أردنا تأطير آخر سؤال في هاته الخانات الأربع ،و الذي يتحدث عن اختلاف جسم البنت عن الولد ، سنقول في خانة الدين : الله خلق الرجل عنده شعر في وجهه ، ولم يخلقه عند ، المرأة ، يعني ترجع دائما الخلق و الاختلافلله .
أما في الجواب الاجتماعي :تضرب للطفل مثالا من العائلة أو من المحيط ، كأن تقول شاهد عمتك لها صدر مثلي ، لاحظ جدك له لحية على وجهه كأبيك … وهكذا دواليك.
وفي الخانة الغريزية : تعطي للطفل مثالا في مخلوقات الله ، مثلا ، لاحظ البقرة ترضع أطفالها لأنها أم ، و لاحظ الأسد له لحية لأنه ذكر ….
و أخيرا في الخانة العلمية : فستفسر وجود لحية الأب ، لأن الذكر له هرمونات التستوستيرون ، بخلاف الأم لها هرمونات أنثوية أكثر ، و التي تمنع وجود اللحية في وجه المرأة ، لكن هاذا المدخل العلمي يكون بالنسبة للأطفال الذين يتجاوز عمرهم ست سنوات.
كخلاصة يمكن القول أن من المهم جدا غرس الثقافة الجنسية عند الأبناء ، و مد يد العون لهم كلما احتاجوا استفسارات أو اختلطت عندهم الأشياء ، خصوصا من سن الخامسة فما فوق .
فتوعيتهم جنسيا لا تعني أبدا تربيتهم بدون أخلاق أو دين بل على العكس تماما ، فإن هذه الأحاديث هي الفرصة الأنسب كي يغرس الأهل في وجدان أطفالهم مجموعة القيم التي يريدون لأطفالهم أن ينشئوا عليها ، مثل أن يفرقوا بين اللمس الحسن و السيء، ويفرقوا بينالصحيح و الخطأ.
وفي النهاية تجدر الإشارة إلى أن الأطفال جدا أذكياء والكذب عليهم غير مستحب ، لأنهم إذا اكتشفوا الأمر ، سيفقدون الثقة في ذويهم . و الثقة إذا ولت ،لن تعود مجددا ، فعوض أن يكذب الأهل و يختلق الأساطير و الخرافات عند الحديث عن الجنس ، أو يعنف الطفل عند سؤاله عن أحد هاته الأمور ، كقول : “عيب! هاذا الأمر خاص بالكبار فقط ” ، يمكن أن تحضر كل الأسئلة المحتملة و تجيبه بها دون تلعثم أو إحساس بالخجل من الموضوع ، و يجب أن يطغى الصدق في الكلام حتى ينشأ الطفل في بيئة صحية و ذكية ، فطالما أن الطفل سأل عن هاذا الأمر ، هاذا يعني أنه يملك فضولا جامحا ولن يهدأ باله حتى يجد الإجابة عن سؤاله ، لذا كونوا دائما الملجأ و المأوى الموثوق به لأطفالكم !