كيف تعاطى علم النفس مع الجائحة ؟ وكيف عمق المشتغلون في هذا المجال البحث في الظواهر النفسية والاجتماعية التي تمخضت عنها ؟ الجواب تحمله مجموعة من المؤلفات التي صدرت وتصدر اتباعا حول الفيروس التاجي، موقعة من جامعيين متخصصين في علم النفس.
وإن كانت هناك من فكرة جوهرية يمكن استخلاصها من هذه المؤلفات ، فهي “الخوف المستجد”، وهي زبدة ثلاثة كتب صدرت في خضم الصدمة المتمخضة عن فيروس كورونا المستجد .
ويتعلق الأمر بكتب ” سيكولوجية الخوف الفيروسي”، الصادر سنة 2020 للجامعي عبد القادر أزداد ( أستاذ علم النفس بكلية الآداب عين الشق بالدار البيضاء)، ثم ” la psychologie de la peur virale ” للجامعية ليلى الشرقاوي ( أستاذة علم النفس بالكلية نفسها) ، وأخيرا وليس آخرا كتاب ” كورونا.. من نظرية الفوضى إلى اضطرابات الصدمة “، الصادر سنة 2021 للجامعي وأستاذ علم النفس أحمد الرياضي، الذي ينتمي للمؤسسة ذاتها.
فهذه الكتب التي تم تقديمها وتوقيعها والاحتفاء بأصحابها ، في نهاية الأسبوع المنصرم بمبادرة من طلبة علم النفس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق بالدار البيضاء، حللت وتعمقت في الوضع النفسي غير المسبوق الناتج عن الجائحة، من عدة زوايا ، محاولة سبر خبايا الحالة النفسية المتمخضة عن كورونا، وآثارها السلبية على سيكولوجية الأفراد .
الجائحة حلت ضيف ثقيلا جدا على المغاربة والبشرية جمعاء ، لذلك ، كما يقول أحمد الرياضي ، فإن كورونا أعادت طرح تساؤلات في علاقتنا بذواتنا والآخر، مبرزا أنه استعان في تحليله لظواهر الخوف الناتج عن كورونا بمعارف ونظريات في علم النفس، وأيضا بعلم السيميائيات .
ويعالج الكتاب، كما قال، الواقع النفسي والاجتماعي في الزمن الكوروني، بشكل علمي دقيق انطلاقا من تجربة الممارسة النفسية، كأخصائي نفساني في علم نفس الأورام، تمرس على مواجهة صدمات المرض وسيكولوجية الألم لدى مرضى الأورام السرطانية، من خلال اشتغاله بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا بالرباط سابقا .
ونظرية الفوضى، كما جاء في دفة الكتاب ، لا تعني اللا عقلانية أو عدم الخضوع لأي قانون، بل إنها تعني وجود نظام صارم جدا لكننا لا نستطيع رؤيته.
وهي النظرية التي تحاول دراسة العواقب الوخيمة والتأثيرات السلبية التي يمكن أن يحدثها وباء كورونا على مستقبل الإنسان والطبيعة، وما ينتج عن ذلك من تحولات جذرية في نمط حياة الأفراد داخل المجتمعات .
ومن جهته، بسط عبد القادر أزداد دوافع تأليفه لكتاب حول الخوف الناتج عن كورونا ، مؤكدا أنه ” لم يكن من السهل الحديث عن كائن غير مرئي “، و عليه فقد تحدث الكتاب “عن خوف مستجد مرتبط بآلية المواجهة وما خلفه خلال فترة الحجر الصحي “.
ويتعلق الأمر ، يضيف ، بمقاربة سيكولوجية للفيروس تروم تعميق البحث في مختلف الظواهر والسلوكيات خلال فترة الحجر الصحي.
وفي الاتجاه ذاته، رأت ليلى الشرقاوي أن خطورة الفيروس تكمن في الخوف المترتب عنه، موضحة أنها تحدثت في كتابها عن الإشاعات والخوف المرتبط بالفيروس ، الذي له أيضا خطورة بيولوجية.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن القيمة العلمية لهذه المؤلفات تكمن في قدرتها على رصد التعب النفسي الذي يرافق حياة الناس في مختلف بقاع العالم منذ أزيد من عام ، علاوة عن حالات القلق والضغط النفسي والاضطرابات الاكتئابية، التي يتم التعاطي معها بطرق مختلفة