تنظم المديرية العامة للأمن الوطني ندوة دولية ،حول موضوع: “الوقاية من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أثناء الإيقاف والاستماع والحراسة النظرية”، بالمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة.
ويشارك في الندوة التي يؤطرها مولاي الحسن الداكي الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة، وآمنة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان؛ و محمد الدخيسي والي الأمن، المدير المركزي للشرطة القضائية بالمديرية العامة للأمن الوطني.
ويشارك في الندوة ممثلة الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية؛و ممثلة وزير العدل؛ و السفير المتجول المكلف بحقوق الإنسان؛ وعدد من المسؤولين الأمنيين وممثلو القطاعات الحكومية؛ و ممثلو الهيئات والمؤسسات الوطنية؛ و خبراء من ممثلو الهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية.
وتأتي هذه الندوة عقب الإنطلاقة الرسمية لاتفاقية إطار للشراكة والتعاون المؤسسي بين المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمديرية العامة للأمن الوطني، وتندرج في مجال التدريب لتفعيل وتوطيد احترام حقوق الإنسان في الوظيفة الأمنية، التي تم توقيعها يوم الأربعاء 14 شتنبر 2022 بالرباط.
وتهدف الاتفاقية، حسب والي الأمن الدخيسي الذي كان يتحدث خلال افتتاح الندوة، إلى تطوير العمل المشترك بين مصالح الأمن الوطني والمجلس الوطني لحقوق الإنسان بغرض النهوض بثقافة حقوق الإنسان في مناهج التدريب والتكوين الشرطي، وجعلها مرجعا ودليلا مؤطرا لمهام موظفي الأمن الوطني المكلفين بإنفاذ القوانين، فضلا عن دعم الجهود التي تبذلها المؤسسة الأمنية لتعزيز الممارسات المهنية والتدخلات الميدانية التي تستند على المعايير الوطنية والدولية في مجال حقوق الإنسان.
واعتبر الدخيسي أن حرص المملكة المغربية على حماية مبادئ وقيم حقوق الإنسان كخيار إستراتيجي لا رجعة فيه، نابع من إرادة راسخة وقناعات تابثة تتجسد بشكل جلي من خلال مقتطف من خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس أيده الله ونصره الذي وجهه إلى الدورة 65 للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة بنيويورك بتاريخ 26 مارس 2013، والذي جاء فيه: ” لقد جعلت المملكة المغربية من حماية حقوق الإنسان خيارا لارجعة فيه، وذلك في إطارإستراتيجية شاملة…”.
وأكد أن المملكة المغربية لاتتوانى في اتخاذ التدابير القانونية والمؤسساتية الكفيلة بترسيخ هذه الثقافة ومناهضة التعذيب بجميع أشكاله، من خلال التزاماتها الدولية التي تستوجب التفاعل والتعاون المستمر مع كل الهيئات والأجهزة الأممية، كما تواصل دعمها لكل المبادرات الدولية الرامية إلى تشجيع الانخراط والانضمام إلى كل الصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، بصفة عامة، أو لمنع التعذيب والقضاء عليه بصفة خاصة.
وأضاف أن المديرية العامة للأمن الوطني، وانسجاما منها مع أحكام دستور فاتح يوليوز 2011، الذي رسخ مجمل حقوق الإنسان الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى تكريس وفاء اختيار المملكة المغربية الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانــــون، وإقامة مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، بلورترؤية متكاملة ومندمجة تهم حقوق الإنسان واحترامالحريات من خلال وضع مخطط عمل رامي إلى الوقاية من التعذيب وغيره من ضروب العقوبة أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أثناء الإيقاف والاستماع والحراسة النظرية بصفة خاصة، والذي يرتكز على تمتين ودعم وسائل النزاهة والتخليق، وعصرنة هياكل ومناهج عمل الأمن الوطني ودعم قدرات موظفيه، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وتجويد التكوين الأساسي والمستمر والتخصصي وملاءمته مع المعايير الدولية والمقتضيات القانونية الوطنية ذات الصلة، وتعزيز التعاون الدولي والإقليمي في المجال الأمني، وتطوير مناهج وطرق البحث الجنائي ووسائل الشرطة التقنية والعلمية، والاستناد إلى القانون والتقنيات الحديثة في جمع الأدلة المادية في الميدان الجنائي، وكذا التواصل والانفتاح والتعاون مع المؤسسات والمنظمات المعنية.
وتعمل المديرية العامة للأمن الوطني، حسب المتحدث ذاته، باستمرار على تأطير وتوجيه كافة موظفيها في مجال الاحترام الكامل لحقوق الإنسان وكرامة الأشخاص الذين يخضعون لإجراءات تدابير الحراسة النظرية تحت طائلة العقوبات التأديبيةوالإحالة على العدالة عند الاقتضاء. بالإضافة إلى أن فضاءات الوضع رهن تدابير الوضع تحت الحراسة النظرية تخضع لتأطير مسطري دقيق للحيلولة دون جعلها مجالات مغلقة، يمكن للبعض أن يعتقد أن اللجوء الى استعمال العنف فيها يبقى ممكنا في غياب تام لأي مراقبة أو متابعة أو إفلات من العقاب.
واستعرض الدخيسي كافة الإجراءات التي اتخذتها المديرية العامة للأمن الوطني لحماية حقوق الإنسان من قبل موظفي الشرطة، مذكرا بمواصلة المديرية عملها الحثيث كنموذج رائد في احترام الكرامة والحفاظ على إنسانيةالأشخاص الموضوعين تحت تدابير الحراسة النظرية، في إطار حكامة أمنية شاملة ومتكاملة، حيث ساهم الارتقاء بقسم الشرطة العلمية والتقنية التابع لمديرية الشرطة القضائية إلى مستوى “معهد العلوم والأدلة الجنائية للأمن الوطني” في تعزيز الدور الريادي للشرطة العلمية والتقنية الجنائية في تزويد الفرق المكلفة بالأبحاث والتحريات بأحدث التقنيات لتوفير أدلة مادية وملموسة لتقليص اللجوء إلى استخدامالاعترافات في الأبحاث الجنائية.
وشكل حصول مختبر الشرطة العلمية بالدار البيضاءعلى شهادة الجودة العالمية ISO 17025 للمرة الخامسة على التوالي، اعترافا بمسار التحديث الذي اعتمدته مصالح الأمن الوطني في هذا المجال، وحافزا لتطوير بنيات الشرطة العلمية والتقنية، حيث تم تدشين مختبر وطني جديد يوم 16 ماي 2021، بمواصفات دولية، تابع لمعهد العلوم والأدلة الجنائية للأمن الوطني، يضم جميع التخصصات العلمية، ويعد أكبر مختبر على الصعيد الوطني والعربي والإفريقي.
وعملت المديرية العامة للأمن الوطني على رفع مستوى مواردها البشرية، وتعزيز القدرات المعرفية والكفاءات المهنية والمهارية لهذه الموارد كرافعة أساسية لإنجاح هذه الأوراش، عبر برامج للتكوين الأساسي والتكوين المستمر التخصصي في مجالات الأمن وحقوق الانسان تستهدف بناء السلوك والتصرف الوظيفي السليم، وترسيخ القناعات الوجدانية لقيم ومبادئ احترام حقوق الانسان لدى موظف الأمن، من خلال إتباع سياسة التكوين والتحسيس والتواصل المدعم للوقاية منه لفائدة المكلفين بإعمال القانون، وتنظيم العديد من اللقاءات التواصلية والأيام الدراسية وإنجاز بعض الدراسات الميدانية للوقوف على وضعية غرف الأمان ومدى استجابتها للمعايير الدولية لظروف الاعتقال وما واكب ذلك من تشكيل لجان مديرية للقيام بزيارات افتحاص وتدقيق للوقوف على الثغرات والنواقص سواء منها البنيوية أو تلك المرتبطة بالعامل البشري التي مازالت تعاني منها بعض أماكن الحرمان من الحرية، كان آخرها اللجنة المديرية المحدثة شهر أكتوبر من سنة 2019 لوضع الإجراءات والتدابير الإستباقية اللازمة لضمان حسن سير الزيارات المرتقبة للآلية الوطنية للوقاية من التعذيب والتفاعل الفوري مع توصياتها.