كشف محمد بشير الراشدي، رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، أن عناصر من الإدارة العامة لمراقبة التراب الوطني ” DST”، ومن موظفي إدارة الجمارك، وقضاة من المجلس الأعلى للحسابات، انضموا إلى هيئة النزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، للعمل على التحري والتحقيق في مجموعة من الملفات كما جاء بها قانون الهيئة الجديد، حيث كلف الموظفون الجدد في الهيئة، على التحري وولوج المقرات والتحقيق وإعداد المحاضر بخصوص ملفات الفساد وإحالتها على القضاء.
وشدد الراشدي، على أن هؤلاء المحققون لهم كل صلاحيات ضباط الشرطة القضائية باستثناء الاعتقال والحجز”، وتعد محاضرهم لها حجية قانونية. وأوضح أن وضعية هؤلاء تجعلهم يعملون في “تكامل” مع السلطات القضائية والشرطة القضائية.
وأكد محمد بشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ، على انه بعد استكمال تعيين أعضاء الهيئة شرعت هذه الأخيرة في وضع برنامج عملها من أجل محاربة الرشوة ومظاهر الفساد.
وأوضح الراشدي خلال لقاء لمؤسسة الفقيه التطواني”، أن أهم ما يميز الإطار القانوني الجديد للهيئة هو تمكينها من التوفر على محققين مستقلين، يطلق عليهم المأمورون، وهم أشخاص يعملون تحت سلطة رئيس الهيئة مباشرة، وظيفتهم التحقيق والتحري في ملفات الفساد، وتحرير محاضر لها القوة القانونية لعرضها على القضاء.
واوضح الراشدي، أن هؤلاء المحققين لهم كامل الصلاحيات في مجال التحري، من قبيل الاستماع للأشخاص، وولوج مقرات الإدارات، وإنجاز المحاضر، باستثناء الاعتقال والحجز”، مشيرا الى أن الهيئة ستلعب دورا مهما في تحديد التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة في مجال الوقاية ومحاربة الفساد، وتحديد الآليات الكفيلة بتنفيذ هذه الاستراتيجيات.
وحذر الراشدي، من أن تكلفة الفساد في المغرب تتراوح بين 5 إلى 7 في المائة من الناتج الداخلي الخام للمملكة. وقال بهذا الخصوص إن هذا الرقم يبقى غير دقيق في غياب دراسات، مشيرا إلى أن الهيئة أطلقت دراسات وأوراشا للبحث العلمي في مجموعة من المجالات للتمكن من تعميق المعرفة الموضوعية بهذه الظاهرة، وتمظهراتها وأثرها الاقتصادي. كما أوضح بالمقابل أن الدراسات والتقارير تشير إلى تأثير سلبي للفساد في دول أفريقيا، بحيث تصل كلفته نحو 146 مليار دولار، وهو ما يشكل نحو 6 في المائة من دخلها الخام القاري، أما على المستوى العالمي فتصل كلفة الفساد 2600 مليار دولار، ما يمثل نحو 3 في المائة من الناتج الدولي.
و أوضح الراشدي أن هذه الأرقام تظهر أسباب عدم قدرة العديد من الدول على الاستجابة لمتطلبات المواطنين في مجال الصحة والتعليم خاصة في القارة الأفريقية. ومع ذلك سجل الراشدي وجود نماذج لبلدان أفريقية نجحت في محاربة الفساد مثل بوتسوانا، ورواندا، كما أوضح الراشدي أن محاربة الفساد تتم من خلال الردع، ومنع الإفلات من العقاب.
وشدد محمد بشير الراشدي، على ان الردع ومكافحة الفساد بالمغرب يمر عبر مقاربة تشريعية وقانونية قابلة للتفعيل، ومن الأشياء التي تعرقل الأهداف المتوخاة، في هذا الإطار، هو أن التشريعات تتضمن بنودا من الصعب تطبيقها وتتحول إلى مبرر لعدم التطبيق، وقد يؤثر أيضا هذا العيب على ما يتم تطبيقه، وهو المسار الذي شدد الراشدي على أهمية القطع معه، مشيرا إلى أن قانون الإثراء غير المشروع هو المدخل الأساسي لمحاربة الفساد، فإنه أعلن بالمقابل أن هذا لا يعني أن كل شخص سوف تتم مساءلته عن ثروته.
واعتبر رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، ان طبيعة الفساد هي طبيعة مستورة، لا يمكن اكتشافه بكيفية تلقائية، والأمر هنا لا يتعلق بما وصفه المتحدث بـ “الرشوة الصغيرة”، بل يتعلق بفساد أكبر يحصل صاحبه على امتيازات غير مشروعة، كاشفا ، أن هيئته وضعت تصورا يجعل إثبات الإثراء غير المشروع من مسؤولية النيابة العامة، مشددا في هذا الصدد على وجوب إثبات أن هناك فرقا كبيرا وشاسعا، بين مصادر دخل المعني بالأمر، وبين ما يتوفر عليه من ممتلكات خاصة، في الفترة التي تحمل فيها المسؤولية التي تمنحه إمكانية استغلالها. مشيرا إلى ضرورة تضافر عوامل مختلفة حتى يتم إثبات الإثراء غير المشروع، ومنها أن تكون الثروة ارتفعت، واكتشاف فرق في مصادر الدخل، وتورط في استغلال المسؤولية لمراكمة الثروة، ومن هنا تتم مطالبة المعني بالأمر بالإدلاء بما يثبت أن مصادره مشروعة، وهي الإجراءات التي من شأنها الوقوف على أفعال الفساد المستورة.