تكون صورتنا أحيانا عند الآخر أو صورته عندنا نتيجة تمثلاته لنا أو تمثلاتنا له، لكن حينا آخر تكون نتيجة ما نرسمه نحن عن أنفسنا. في المغرب رسمنا صورة عن أنفسنا بفضل الله وبفضل عناصر المنتخب الوطني بقيادة المدرب القدوة وليد الركراكي، وهي القضة الناتجة عن نتائج إيجابية حققها المنتخب في المونديال وسلوك أعضائه وتشبتهم بالقيم المغربية الأصيلة، والتي تم ختمها مسكا بالاستقبال الملكي وصورته مع اللاعبين والأمهات، وصورة ثانية رسمها عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، من خلال امتحان المحاماة وما قيل عنه، وأساسا بفعل خرجاته غير المحسوبة.
صورة وليد الركراكي وعناصر المنتخب جالت العالم معبرة عن روح التضحية والتماسك حتى أنها أضحت موضوع دراسات في القيم، وحققت ما لم تحققه مكاتب السياحة، بل قامت بقوة ناعمة لو صرفنا عليها الملايير لم تتحقق بتاتا، وأضحى اسم المغرب على كل لسان وكتب بكل لغات العالم، حتى تلك التي نسمع بها في وقت من أوقات، وجاءت التحيات والتهنئات من كل بلاد الدنيا، وتقاطر السياح على المغرب بفضل المنتخب. هذه صورة.
الصورة الأخرى رسمها وهبي، حيث انصبت اهتمامات القنوات النلفزية العربية والدولية أول أمس الثلاثاء على فضيحة امتحانات الأهلية المهنية، التي أثارت ضجة، بعد اكتشاف أن نجل الوزير من الناجحين، وزاد “كملّها وجملها” برر ذلك بأن ابنه درس في كندا ووالده من الأغنياء أدى ثمن دراسته، بينما الأساس هو أن الاختبار حول القانون المغربي، ناهيك عن شبهة كون الوزير يمكن أن يطلع على أسئلة الاختبارات.
يقول المغاربة في أمثالهم الدارجة والبليغة “اللي حرثو الجمل دكو”. فكل المجهودات التي قام بها أعضاء المنتخب الوطني ومعهم الوليد الركراكي مسحها بالـ”كومة” وزير العدل، الذي كرر في حوار تلفزي عشرات المرات أنه وزير.
صورة البلد المنتج والبلد الذي يمنح فرصة للطاقات بالداخل والخارج ضربها وهبي في رمشة عين، من خلال اتفاق غامض مع جمعية هيئات المحامين بالمغرب حيث نص البيان الصادر في هذا الشأن يوم فاتح دجنبر الماضي على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار هواجس الجمعية خلال امتحان الأهلية لولوج المحاماة.
صورة مشرقة صنعها الأبطال وبالإخلاص والصدق و”النية” وصورة سوداء وكالحة وضبابية عمادها “قلة النية”.
يقول المغاربة “النية وقلة النية ما يتلاقاوش”.
معنى ذلك واضح. إما أن يستمر المغرب في مشروع “النية” وتحقيق النتائج والاختراقات الدولية، إما العودة إلى “قلة النية” ومغرب الولاءات وترك الكفاءات تنتحر في صمت وتموت موتة غير طبيعية “عرق بعرق” كما يقال.
اليوم نحن في مفترق طرق، لكن الطريق السليمة هي طريق “النية” وينبغي استثمارها والاستمرار فيها، والطريق المعوجة هي طريق “قلة النية” وينبغي القطع معها.
من يعنيه أمر البلد ينبغي أن يمنع أصحاب “قلة النية” من استغلال مناصبهم وفي الحد الأدنى محاسبة الوزير وهبي وإلغاء نتائج المباراة. لا خيار غير ذلك. نريد صورتنا التي رسمها جلالة الملك مع المنتخب الوطني أن تبقى ناصعة.