طارق ضرار
لاشك أن وظائف الأحزاب السياسية متعددة ومتنوعة، وتحمل في طبيعتها الأولى التواصل و التواصل الفعال والقرب من الناخبين و من المواطنين.. و التأطير و التوعية والتحسيس و التكوين السياسي فضلا عن التمرس كآلة انتخابية للمشاركة في الحكم وتدبير الشأن العام، كما تحمل معطى قوي في تشكيلة الدولة الحديثة باعتبارها أداة للديمقراطية ….
وتنبني الوظائف السياسية للأحزاب في التمثيل السياسي، والتي نبه اليها فليب برو بكونها تعد ضمن أجهزة المنظومة السياسية، لأنها تتطلع من خلالها للمشاركة في السلطة، و تسعى فيها لرفع صفتها التمثيلية، من خلال إعمال الوظيفة الأولى كآلية انتخابية… باعتبار أن الانتخابات هي المظهر الأكثر وضوحا لنشاط الأحزاب السياسية في النظم الديمقراطية التعددية…
ولا ضير أن نذكر أحزابنا بوظائف الحزب بعدما سقطت في ذنب إغلاق المقرات بعد الانتخابات وراحت تصارع للحصول على رئاسة الجهات والجماعات…وسقطت خلال حملاتها في استغلال المقرات المكتراة في عملية انتقاء المرشحين الذين اعتمدت عليهم في الانتخابات لشغل المناصب التمثيلية، حيث تنوعت إجراءات انتقاء المرشحين حسب الأنظمة الداخلية للأحزاب… وقلما رصدنا تدخل أطر مكونة من أشخاص مؤهلين و على درجة عالية من التشبع بأيديولوجية وأفكار أو مصالح الحزب، في عمليات الانتقاء..وما كان الرصد إلا لأصحاب “الشكارة” في غالب الأحيان… فقد تجاوزت الأحزاب في المغرب لغة الايديولوجية الى لغة المصالح، وفقدت في الغالب قيادات حزبية، للدفع بهم في الحملات الانتخابية لتولي المناصب القيادية، أو المشاركة في إدارة الشؤون العامة في الدولة، وصنع القرار السياسي ، إذ تختلف طريقة الاختيار باختلاف النظم الحزبية.
وهنا نستحضر ما ذكره العالم في علم السياسة فليب برو بخصوص وظيفة اختيار القادة.. باعتبار الحكومة تتشكل حسب الأحزاب المسيطرة على البرلمان، مشددا على أن الأحزاب تعمل على وظيفة اختيار القادة، وذلك بغية الوصول إلى أعلى الوظائف في الدولة والأمر ههنا يتطلب الكثير من الجهد لكي يكون لدى القاعدة النضالية الإمكانية لاختيار قادتها.. فالأحزاب اليوم تتبع قاعدة الهرم المقلوب أي القرارات تصعد من القيادات الى القاعدة النضالية في الحزب..او بمعنى اصح تعفرض عليها من مكاتب السياسية وتبقى المجالس الوطنية للأحزاب فضاءات تؤثث لعملية الديمقراطية الحزبية لا غير..
ونجد في وظائف الأحزاب أثناء الممارسة التمثيلية…دورا مزدوجا في التمثيل السياسي من ناحية الناخبين والمنتخبين من خلال عدة وظائف تلتزم بها الأحزاب بعد تخطي مرحلة الإنتخابات وكسب صفة التمثيل الرسمي لمرشحيها، عن طريق عضوية وإدارة المجالس التمثيلية، وهنا تصبح الأحزاب على المحك، إذ عليها أن تُمثل مصالح ناخبيها وتسعى لتحقيق مطالبهم، بغية الظفر بثقتهم في الاستحقاقات الانتخابية القادمة، ولا يتحقق ذلك دون تواصل مستمر وفعال…. لا الاقتصار على زمن الانتخابات…وإغلاق المقرات في وجه المواطنين..والإكتفاء بتلقي الرسائل الإلكترونية التي لا تقرأ…
وفي إطار التذكير…نذكر إخوتنا في الأحزاب أن من مهام الأحزاب معارضة الحكومة والرقابة على أعمالها.. أي في حالة مشاركة الحزب خارج نطاق السلطة والدخول الى المعارضة، فالأحزاب إذا لم تحكم، فإنها تعارض من يحكم كصورة للمشاركة الحزبية السلبية، من خلال نقد نظام الحزب الحاكم وسياساته وكشف أخطائه، وهذه وإن كانت موجهة لتحقيق أهداف الأحزاب المعارضة، فإنها مفيدة للمواطن في إكسابه معلومات عن نشاط السلطة الحاكمة وهنا تزيد احتمالية الحزب في كسب مؤيدين له، خاصة في حالة فشل الحزب الحاكم في تحقيق مطالب المجتمع.
وهنا نرى العلاقة الوثيقة بين الأحزاب السياسية والتمثيل السياسي ودور المقرات الحزبية الدائمة او الوقتية…كجزء من صناعة صناعة التمثيل، والتي لا تكاد تكون ديمقراطية حقيقية بدونها، فالأحزاب السياسية هي منشأ الممثلين ومؤطرهم، قبل بدء الانتخابات، وهي الهيكل المنظم لهم أثناء العملية الإنتخابية، وهي المسؤولة على مدى كفاءة الأداء التمثيلي بعد تولي المناصب التمثيلية في المجالس النيابية…وهذا كله في غياب تواصل حقيقي بعد اغلاق مقرات الأحزاب…فأي ذنب أغلقت المقرات….