بعد كل الحديث عن “الشان” و”ما لا شأن لنا به” ينبغي أن نعود إلى حقيقة الأمر. قصة “عودوا إلى حديث البغل” يعرفها المغاربة القدامى، حيث كان شخص كبير في السن وتوفيت زوجته وتركت له أبناء، وبينما كانوا يتحدثون عن “الاستراتيجية” نطق صغيرهم قائلا: “نبيعو لبغل ونزوجو الواليد”، فأصبح أبوهم بعد كل حديث يقول لهم “نرجعو لحديث البغل”.
انتهى الحديث عن “الشان” وحرمان المنتخب المغربي للمحليين من المشاركة، بعد رفض النظام العسكري الجزائري الترخيص له برحلة مباشرة من مطار الرباط إلى مطار قسنطينة، ومرت ظروف الافتتاح كما شاهدناها.
حقيقة الأمر أن هذه كلها تفاهات، لأننا نعرف أن النظام العسكري الجزائري “صنع” البوليساريو وصرف عليها لمدة نصف قرن، وقدم الملايير تلو الملايير لزعزعة استقرار المغرب وتقسيمه، فما قام به شيء عادي جدا وهو فقط تنويع على طريقة العداوة المستحكمة. نعرف أنه عدو ونحذره وهذا أمر مفروغ منه. لكن لا ينبغي أن نهرب عن طريق المناوشة معه من حقيقتنا.
أين وصل ملف امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة؟
لا تهربوا إلى “الشان” وتعلقوا الأزمة السياسية التي خلقها عبد اللطيف وهبي على النظام العسكري الجزائري، الذي نعرف أنه عدو منذ زمن طويل، ونعرف أن هناك مؤسسات عميقة وقوية تواجه الخصوم، وأن الحكومة ليس لها ما تقدم ولا تؤخر وبالتالي عليها أن تجيبنا فقط عن ملف الوزير “الذي يعرف تقاشر مسؤول محلي” أين وصل؟
ما قام به وزير العدل هو أزمة سياسية حقيقية، تداعياتها لن تقف عند حدود امتحان كتابي يعقبه امتحان شفوي، ضدا في الجميع، ويكون ابن الوزير من الناجحين وأبناء مسؤولين ومحامين أيضا، ولكن مستقبل مهنة ظلت لعقود هي ميزان حماية القانون والعدالة أصبح على المحك، وإذا لم يتم اتخاذ تدابير وإجراءات في حق الوزير وتعطيل نتائج الامتحان وإلغاؤها فإن كرة الثلج تكبر حتى لو سكتت الأصوات المطالبة بإقالة الوزير، لأن الأمر له ارتباط بمستقبل البلاد.
ولا ينبغي أن نترك الوزير وهبي يفر بجلده من خلال استغلال الفرص، واليوم هو يبدع موضوعا جديدا يتعلق بأداء ثمن السجن، وهو صناعة لفوارق طبقية بين المجرمين والجناة والجانحين، فمن لديه المال لن تهمه سنة من السجن سيشتريها بماله، وهو تشجيع على ارتكاب الجنح والجرائم. هروب جديد من الأزمة السياسية.
لكن قياسا على الشيخ الذي ماتت زوجته نقول لوهبي وللحكومة من ورائه: عودوا إلى حديث البغل، الذي سيركل الجميع إن لم نتواضع على ضرورة محاربة الفساد والغش وقواعد اللعب باستقرار الوطن.
الطريقة التي جرى بها امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة هي الوسيلة الكبرى لفقدان الثقة في كل ما هو وطني، وفقدان الثقة في المؤسسات الجامعية والمعيار للنجاح أن “يكون باك لاباس عليه وقاري فالخارج”.