أشاد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بتدخلات المكلفين بإنفاذ القانون خلال الجائحة من أمن وطني ودرك ملكي وسلطات محلية، مشددا على أنها تميزت عموما بالتقيد بالضوابط القانونية، مع تسجيل حالات معزولة للتجاوزات الصادرة عن بعضهم، مسجلا بإيجابية المساءلة وفتح تحقيقات في هذه التجاوزات من طرف السلطات القضائية، واتخاذ تدابير تأديبية في حق الموظفين الذين تبث تورطهم في تلك الممارسات المنافية للقانون.
وشدد المجلس، على أن التطبيق السليم للقانون خلال فترة الطوارئ تستدعي اليقظة والمسؤولية، مجددا موقفه من أن تنفيذ المرسوم بقانون المتعلق بحالة الطوارئ الصحية ينبغي أن يتقيد أيضا بالمعايير الدولية التي تستوجب تدبير هذه الحالة في ضوء تقدير دقيق وموضوعي للأحداث بحيث تُناسب التدابير المتخذة الوضعية القائمة.
وأشار التقرير، الى أنه رغم هذه الإجراءات، فقد عرفت العديد من المناطق تنظيم تجمعات وتظاهرات، حيث بلغت خلال الفترة الممتدة من 20 مارس 2020 إلى23 يوليوز، 3251 تجمعا بالشارع العام، ووقفات، تجمهرات، مظاهرات “على الصعيد الوطني وعرفت مشاركة حوالي 83000 شخصا، وتمحورت هذه الأشكال الاحتجاجية حسب المجلس، حول مطالب فئوية وخدمات اجتماعية متنوعة “1924 حركة احتجاجية”، وأخرى ذات طبيعة نقابية أو ترتبط بنزاعات اجتماعية “1114 حركة احتجاجية”، في حين بلغ عدد الاحتجاجات المرتبطة بنزاعات حول الأراضي “213 حركة احتجاجية”.
وتنوعت مطالب هذه الحركات إبان حالة الطوارئ الصحية بين المطالبة بدفع الأجور، والتشغيل والتسجيل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والمطالبة بتحسين الخدمات الصحية، والاستفادة من امتيازات اجتماعية ومساعدات مادية وغذائية مخصصة من طرف الدولة للتخفيف من الآثار الاقتصادية والاجتماعية للوباء، والمطالبة بالإعفاء الكلي أو مراجعة قيمة الرسوم المدرسية بالنسبة للتعليم الخصوصي، والمطالبة بالتخفيف من إجراءات الحجر الصحي، والمطالبة بتحسين البنية التحتية، وبالربط بشبكة الماء الصالح للشرب، والاحتجاج على مصادرة الأراضي، والمطالبة بتوفري السكن وإعادة الإيواء.
و أصدر المجلس الوطن لحقوق الإنسان تقريره السنوي حول حالة حقوق الإنسان بالمغرب سنة 2020، مؤكدا أن اتخاذ التدابير الاحترازية في إطار حالة الطوارئ الصحية من طرف السلطات تطلب تقييد مجموعة من الحقوق والحريات الأساسية، ومنها أساسا حرية التنقل وحرية التجمع والحق في التظاهر والحق في ممارسة الشعائر الدينية.
وأبرز المجلس أنه توصل سنة 2020 بما مجموعه 28 شكاية وردت من جمعيات وشبكات جمعوية ونقابات وبعض الأفراد، وتتعلق برفض تسلم الملف القانوني، أو بتسلمه دون منح وصولات إيداع مؤقتة، أو برفض تسليم الوصل النهائي، أو الادعاء بالحرمان من ممارسة نشاط جمعوي أو نقابي أو تظلم من تضييق على ممارسة نشاط نقابي أو اتخاذ قرارات بسبب الانتماء النقابي.
و أشار المجلس أنه تابع سنة 2020 عددا من المتابعات القضائية بسبب نشر مضامين وتدوينات ومنشورات أو فيديوهات في الفضاء الرقمي، خاصة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، التي يعتبرها حاضنة للتعبيرات العمومية الجديدة.
و أصدر المجلس الوطني لحقوق الإنسان تقريره السنوي حول حالة حقوق الإنسان بالمغرب برسم سنة 2020، تحت عنوان “كوفيد-19: وضع استثنائي وتمرين حقوقي جديد”، ويتضمن هذا التقرير، الذي قدمت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، آمنة بوعياش، أبرز مضامينه خلال ندوة صحافية الخميس بالرباط، تقييما وتحليلا موضوعيين لوضعية حقوق الإنسان خلال فترة جائحة كوفيد-19.
كما يستعرض المجلس الوطني حصيلة أنشطته وتدخلاته بارتباط مع المهام الموكولة إليه في مجالات حماية حقوق الإنسان والنهوض بها والوقاية من الانتهاكات التي قد تطالها من خلال اعتماد مقاربة تتوخى مراعاة طبيعة المجلس كمؤسسة مستقلة وتعددية، ويتطرق هذا التقرير، الذي يقع في 232 صفحة، إلى ستة محاور أساسية هي الإطار القانوني المنظم لحالة الطوارئ الصحية المرتبطة بجائحة كوفيد-19، ووضعية حقوق الإنسان وتأثرها بجائحة كوفيد-19، والنهوض بحقوق الإنسان، وعلاقات التعاون على المستوى الوطني، وعلاقات التعاون والتضامن الدوليين، وكذا تتبع تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة.
كما يتضمن التقرير توصيات خاصة تتعلق بحماية الحقوق والنهوض بها أثناء تدبير الجائحة، وكذا توصيات عامة تروم تطوير واقع حقوق الإنسان على المستويين القانوني والمؤسساتي وعلى مستوى السياسات والممارسات،وطبقا للمادة 20 من القانون رقم 76.15 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس، فقد تم إدراج تقارير الآليات كاملة ضمن التقرير السنوي للمجلس. ويتعلق الأمر بتقارير الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، والآلية الوطنية للتظلم الخاصة بالأطفال ضحايا انتهاكات حقوق الطفل، والآلية الوطنية الخاصة بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة.
ويعتبر هذا التقرير من وسائل إثارة انتباه الحكومة وجميع السلطات العمومية المعنية إلى الانتهاكات التي قد تطال الحقوق والحريات، ودعوتها إلى معالجتها بما يتوافق مع التزامات المملكة الوطنية والدولية، وإلى تعزيز السياسات العمومية بما يقوي ارتكازها على المقاربة الحقوقية، كما أن مضامينه وتوصياته يمكن توظيفها من لدن البرلمان في مجالي ملاءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية، ومساءلة الحكومة.
ويشمل التقرير كذلك توصيات تم إعدادها اعتبارا للالتزامات الدولية للمملكة في مجال حقوق الإنسان، وبما يستجيب للمقتضيات الدستورية التي تعد صكا للحقوق وللحريات، وبناء على التوجهات الاستراتيجية التي اعتمدها المجلس وعلى النقاشات المجتمعية التي أطلقها، وعلى خلاصات اللقاءات الجهوية التي نظمها وعلى التوصيات التي قدمها في مذكراته وكذا على الممارسات التي رصدها، وتتعلق هذه التوصيات المهيكلة، الموجهة إلى السلطات العمومية، بالممارسة الاتفاقية للمملكة وتفاعلها مع المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، وبالإطار القانوني والمؤسساتي، وبالسياسات العمومية والبرامج والممارسات.