حذر الطيب حمضي من تداعيات استمرار العمل بتعريفة مرجعية طبية تعود إلى عام 2006، واصفًا الوضع بـ”الاختلال الخطير” الذي يؤثر سلبًا على العلاقة بين المواطن والطبيب، وعلى نجاعة التغطية الصحية في المملكة.
وأوضح الطبيب، في تصريح خص به “أشطاري”، أن الأتعاب الطبية لا تُحدَّد قانونيًا من قبل الدولة أو أي جهة مركزية، بل تُعد علاقة تعاقدية مباشرة بين الطبيب والمريض، يُشترط فيها إبلاغ المريض مسبقًا، مع احترام مبدأ «الحكمة والاعتدال» في التسعير، المعروف بالفرنسية بـ avec tact et mesure.
لكن المشكلة الجوهرية، بحسب المتحدث، تكمن في عدم مواكبة التعريفة المرجعية الوطنية للواقع الاقتصادي الحالي. فهذه التعريفة، التي تُعد مرجعًا لتعويضات صناديق التأمين مثل “كنوبس” و CNSS ، لم تُحدَّث منذ توقيع الاتفاقية الوطنية سنة 2006، رغم النص على مراجعتها كل ثلاث سنوات.
وأضاف الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، أن هذا التأخر المزمن أدّى إلى اتساع الهوة بين كلفة العلاج الحقيقية سنة 2025، والتعويضات التي يحصل عليها المواطنون من صناديق التأمين، ما يُجبر المريض على تغطية الفرق من ماله الخاص، فيضطر إلى دفع 50% أو أكثر من تكاليف العلاج مباشرة من جيبه، رغم كونه مؤمَّنًا، أصبح المواطن المؤمن يدفع كما لو أنه غير مؤمَّن، وهذا أمر غير معقول، يقول الطبيب.
وكشف الطبيب أن نحو 60% من المصاريف الصحية في المغرب تُغطّى حاليًا من جيوب الأسر، رغم توسّع التغطية الصحية، مما يجعل كلفة العلاج مرهقة لشريحة واسعة من المواطنين.
وأشار إلى أن هذا الوضع لا يضر فقط بالمرضى، بل يخلق أيضًا توترًا بين مقدمي الخدمات الصحية من جهة، والمؤمَّنين وصناديق الضمان من جهة أخرى، حيث تنشأ نزاعات متكررة حول التسعيرة غير المطابقة للواقع، واتهامات متبادلة بعدم احترام الاتفاقيات.
وبحسب المصدر نفسه، فإن بعض المصحات تلجأ لفرض أسعار مرتفعة تتجاوز التعريفة المرجعية، خصوصًا في أقسام الإنعاش، حيث تصل التكاليف إلى 1500 درهم لليلة، رغم محدودية الأسرة وندرتها في حالات الطوارئ والأوبئة.
وختم الطبيب تحذيره بالتأكيد أن غياب الشفافية والتحديث المنتظم للتعريفة المرجعية يفتح الباب أمام الفوضى، و”يستغله البعض لمضاعفة الأتعاب بشكل غير مبرر”، داعيًا إلى الإسراع بمراجعة الاتفاقية الوطنية وفق مؤشرات اقتصادية واقعية تضمن توازن العلاقة بين الطبيب، المريض، وصناديق التأمين.