في وقت يحاول فيه العالم تضميد “جراح” استمرت لأكثر من عامين بسبب الجائحة والعودة إلى الحياة الطبيعية التي طال انتظارها، هناك سؤال يطرح نفسه بإلحاح داخل هيئات الأمم المتحدة : كيف يمكن تحقيق انتعاش عادل في وقت لا تزال العديد من البلدان تعاني من صعوبة الولوج إلى اللقاحات المضادة لكوفيد.
وهو المعطى الذي يتضح من خلال معدلات التلقيح العالمية، حيث أفادت الإحصاءات الأخيرة لمنظمة الصحة العالمية بأنه تم إعطاء أكثر من 10,2 مليار جرعة من اللقاح، معظمها في البلدان الغنية.
ووفقا لأرقام المنظمة، فإن 77 في المائة من سكان الدول الغنية تلقوا جرعة واحدة على الأقل، بينما في البلدان منخفضة الدخل، لا يزال هذا الرقم تحت عتبة 10 في المائة. وتوفر هذه الإحصائيات، حسب المراقبين، معلومات حول غياب العدالة اللقاحية التي يجب إعادة النظر فيها، دون تأخير، على أمل تحقيق التعافي على المستوى العالمي.
وتعليقا على هذا الوضع الذي يعكس فجوة كبيرة على مستوى توزيع اللقاحات، انتقد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، ما أسماه بـ”المأساة” بسبب عدم استفادة ملايير الأشخاص من اللقاحات،” في الوقت الذي تم فيه تطوير العديد من اللقاحات بسرعة قياسية”. ولتحقيق هذا الهدف، كانت الوكالة الأممية قد وضعت استراتيجية عالمية للتلقيح ضد فيروس كورونا تروم تلقيح 40 في المائة من السكان في جميع البلدان في عام 2021 و 70 في المائة بحلول منتصف عام 2022، غير أن نتائج هذه الاستراتيجية لا تزال متفاوتة، لا سيما في إفريقيا، حيث تمكنت خمس دول فقط من بلوغ عتبة 40 في المائة قبل نهاية العام الماضي.
وفي كلمته أمام قمة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي، التي انعقدت مؤخرا في ماربورغ بألمانيا حول “العدالة في مجال اللقاحات من أجل إفريقيا”، ندد السيد غيبريسوس بغياب المساواة في الولوج إلى اللقاحات المضادة لفيروس كورونا بين الدول الغنية والنامية. وفي هذا السياق الذي يتسم بغياب العدالة اللقاحية، ينعقد اجتماع رفيع المستوى، اليوم الجمعة في نيويورك، بمبادرة من رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، عبد الله شهيد، بهدف إعطاء زخم جديد لعملية التلقيح الشامل ضد كوفيد- 19.
وحسب المسؤول الأممي رفيع المستوى، فإن التحديات كبيرة وتتطلب التزاما متجددا من طرف المجتمع الدولي بهدف تحقيق المساواة في الولوج إلى اللقاحات، والتي تظل، حسب قوله، السبيل الوحيد للخروج من الأزمة الوبائية. وفي هذا الصدد، يدعو السيد شهيد، الذي تحظى حملته “قرار السنة الجديدة” الداعية إلى العدالة اللقاحية بدعم 120 دولة عضوا، إلى إنتاج اللقاحات وتوزيعها بشكل أسرع وإزالة العوائق التي تحول دون تحقيق هذا الهدف.
وأكد أنه من الضروري العمل من أجل الولوج العادل إلى اللقاحات، لا سيما وأن المجتمعات الأكثر تضررا من الوباء توجد في كثير من الأحيان في البلدان الأقل نموا، والبلدان النامية غير الساحلية والدول الجزرية الصغيرة النامية.
وتجدر الإشارة، في هذا السياق، إلى أن رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة سلط الضوء على الجهود التي يبذلها المغرب من أجل تصنيع اللقاحات المضادة لكوفيد-19، قائلا إنه يدعم جميع المبادرات التي تساهم في تحقيق العدالة اللقاحية، لا سيما في القارة الإفريقية. …
* كريم اعويفية