دعا حزب العدالة والتنمية، في ختام مؤتمره الوطني التاسع المنعقد يومي 26 و27 أبريل بمدينة بوزنيقة، إلى إطلاق مبادرة وطنية شاملة لمحاربة الفساد وتخليق الحياة العامة، في ظل ما وصفه بـ”الانحدار المقلق” لمؤشرات النزاهة وتفاقم مظاهر الريع وتضارب المصالح، وتراجع ترتيب المغرب في مؤشر إدراك الفساد من المركز 86 عام 2020 إلى المركز 99 سنة 2024.
وفي بيان اختتم به أشغال مؤتمره، ندد الحزب بما اعتبره “مسارا متسارعا للتطبيع مع الفساد”، مشيرا إلى استهداف المؤسسات المعنية بالحكامة ومحاربة الفساد، وازدياد الزبونية في التعيين بالمناصب العليا، إلى جانب استمرار تعثر اعتماد تشريع مستقل لتجريم الإثراء غير المشروع.
الريع وتضارب المصالح
وشدد البيان على أن مظاهر تضارب المصالح تعمقت، مشيرا إلى ما وصفه بـ”هيمنة لوبيات المصالح في قطاعات حيوية مثل المحروقات والمواشي”، وإلى رفض الأغلبية الحكومية المتكرر لتشكيل لجان لتقصي الحقائق، سواء بشأن واردات النفط الروسي أو صفقات استيراد اللحوم، بالإضافة إلى عدم تفعيل الحكومة لتوصيات مجلس المنافسة بخصوص أسعار المحروقات.
كما حذّر الحزب من “استفحال الفساد المالي والتدبيري” في عدد من الجماعات الترابية، ومن تواصل المحاكمات المرتبطة بتدبير الشأن المحلي.
“الوعود الحكومية تبخّرت”
واعتبر الحزب أن الحكومة الحالية أخلفت وعودها التي جاءت في برنامجها الرسمي، وعلى رأسها وعد توفير مليون منصب شغل صافٍ خلال الولاية التشريعية، في وقت تجاوزت فيه نسبة البطالة 13% ووصل عدد العاطلين إلى 1.6 مليون. كما سجّل البيان إقصاء أكثر من 8.5 مليون مواطن من الاستفادة من نظام التأمين الصحي الأساسي (أمو-تضامن)، وانتقد تراجع الحكومة عن وعدها بإخراج مليون أسرة من الفقر، وهو ما وصفه بـ”النكوص الاجتماعي”.
ولم يُغفل الحزب ملف أجور الأساتذة، مذكّرا بتعهد الحكومة رفع الأجرة الابتدائية إلى 7500 درهم، وهو ما لم يتحقق، على حد تعبيره، إضافة إلى الالتفاف على “دخل الكرامة” الموعود لكبار السن، وتعويضه بمنحة شهرية لا تتعدى 500 درهم تحت غطاء التعويضات العائلية.
فشل في الإصلاحات الاقتصادية
وذهب المؤتمر إلى أبعد من ذلك، معتبرا أن الفشل الحكومي تجلّى بوضوح في عجزها عن مواصلة الإصلاحات الكبرى، لا سيما إصلاح نظام المقاصة والتقاعد، واعتماد سياسة ضريبية عادلة ومحفزة للاستثمار. وقال الحزب إن الحكومة تفتقد للرؤية والشجاعة السياسية لتوجيه الدعم المباشر للفئات الهشة، وتصر على إبقاء استفادة الفئات النافذة من صندوق المقاصة.
كما اتهم الحزب الحكومة بغياب النزاهة والشفافية في تدبير الاستثمارات والصفقات العمومية، مشيرا إلى تفشي تضارب المصالح واستغلال النفوذ.
ضريبة على الصغار وتخفيض للكبار
وانتقد الحزب اعتماد الحكومة لسياسة ضريبية وُصفت بـ”غير المتوازنة”، من خلال مضاعفة الضريبة على الشركات الصغيرة، مقابل تقليصها على الشركات الكبرى، مستنكرا استثناء شركات المحروقات من تطبيق السعر الأعلى (%40) رغم توصيات مجلس المنافسة.
وفي السياق نفسه، عبر الحزب عن رفضه لما وصفه بـ”التحلل الضريبي” تجاه أنشطة ألعاب القمار، والتي اعتبر أنها تفتقر إلى الشرعية الدستورية والأخلاقية، وتمثل تهديدا للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للأسر، وللناشئة.
مديونية مقلقة
وفي ما يتعلق بالوضعية المالية العامة، حذر المؤتمر من “الاستنزاف المفرط للمالية العمومية” واللجوء المكثف إلى التمويلات المبتكرة، دون تقييم كافٍ لمخاطرها. وأشار إلى أن نسبة المديونية ارتفعت إلى 71.6% من الناتج الداخلي الخام، بزيادة تقارب 200 مليار درهم خلال ثلاث سنوات فقط، على الرغم من العائدات الضريبية الاستثنائية التي استفادت منها الحكومة.