تندرج الزيارة التي يقوم بها اليوم الخميس إلى المغرب، رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، بدعوة كريمة من جلالة الملك محمد السادس، في ظل بلدان جاران يتقاسمان إمكانيات هائلة في مجال التنمية، عازمين على منح التعاون القائم بينهما بعدا أكثر تضامنا وتكاملا، لاسيما في مواجهة الصعوبات.
و أظهرت الرباط ومدريد عزمهما على تجاوز الصعوبات وإقامة علاقة نموذجية، قصد الاستجابة بكيفية مشتركة للتحديات الراهنة، وكذا ضمان مستقبل مزدهر لكلا الشعبين الصديقين، فلقد أثبت التاريخ ذلك جيدا، ولم يفتر الطموح المشترك لدى البلدين حيال توطيد شراكتهما.
وفي إطار هذه الروح، يندرج الخطاب الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الـ 68 لثورة الملك والشعب، في 20 غشت 2021، والذي دعا فيه جلالة الملك إلى تدشين مرحلة غير مسبوقة في العلاقات التي تجمع البلدين، والقائمة على الثقة المتبادلة، التشاور الدائم والتعاون الصريح والصادق.
فاستجابة للدعوة الكريمة لجلالة الملك، جددت الحكومة الإسبانية رغبتها الراسخة في الانخراط مع المغرب في دينامية متجددة قصد إرساء أسس علاقة دائمة ومتجهة نحو المستقبل، والتي ترقى إلى مستوى العلاقات العريقة والمصالح المشتركة التي توحد المملكتين.
وكان رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، قد أكد مؤخرا أمام مختلف الكتل البرلمانية الممثلة في مجلس النواب، أن “الحكومة عازمة بقوة على تدشين مرحلة جديدة في العلاقات القائمة بين البلدين، بخارطة طريق واضحة وطموحة”، وقال إن المغرب يمثل بالنسبة لإسبانيا “جارا وشريكا استراتيجيا لا غنى عنه”، مضيفا أنه “على مر التاريخ، نسج البلدان علاقات إنسانية، اتفاقيات وعلاقات تولدت عنها مصالح مشتركة”.
و جددت مختلف تصريحات المسؤولين الإسبان تأكيدها على رغبة إسبانيا في إقامة علاقات مع المغرب تتناسب مع بلدين جارين لهما “أهمية استراتيجية” في جميع المجالات، لاسيما في ما يتعلق بالتحكم في تدفقات الهجرة، المبادلات الاقتصادية والتجارية ومكافحة الإرهاب، وليست الزيارة الرسمية التي سيقوم بها سانشيز إلى المغرب، بدعوة من جلالة الملك، سوى تجسيد لإرادة البلدين الراسخة حيال القيام بخطوة تاريخية في العلاقات الثنائية، على أساس خارطة طريق واضحة وطموحة تستجيب لتطلعات البلدين الصديقين، حيث سيركز المسؤولون بكلا البلدين على تنفيذ تدابير ملموسة في إطار خارطة الطريق هذه التي تشمل جميع مجالات الشراكة، وتدمج جميع القضايا ذات الاهتمام المشترك في مناخ يتسم بالثقة والشفافية.
وكانت وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة ، أعلنت أنه بدعوة كريمة من جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده ، سيقوم فخامة السيد بيدرو سانشيز ، رئيس الحكومة الإسبانية، بزيارة للمملكة المغربية، اليوم الخميس، حيث سيجري صاحب الجلالة حفظه الله مباحثات رسمية مع فخامة السيد رئيس الحكومة الإسبانية، كما سيقيم جلالة الملك أعزه الله مأدبة إفطار على شرف ضيف جلالته الكريم “.
وكان جلالة الملك محمد السادس، أجرى محادثات هاتفية مع رئيس الحكومة الإسبانية فخامة السيد بيدرو سانشيز، يوم الخميس الماضي، حيث جدد جلالة الملك التعبير عن تقديره الكبير لمضمون الرسالة التي وجهها إليه في 14 مارس، رئيس الحكومة الإسبانية، مؤكدا أن ” هذه الرسالة تنسجم وروح خطاب جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، في 20 غشت 2021، وتستجيب لنداء جلالته بـ ” تدشين مرحلة جديدة وغير مسبوقة، في العلاقات بين البلدين “، حيث ووجه جلالة الملك محمد السادس، دعوة لرئيس الحكومة الإسبانية فخامة السيد بيدرو سانشيز للقيام بزيارة للمغرب في الأيام القليلة القادمة “.
وأشار بلاغ للديوان الملكي، الى أن” الشراكة بين البلدين أضحت تندرج في إطار مرحلة جديدة، قائمة على الاحترام المتبادل، والثقة المتبادلة، والتشاور الدائم والتعاون الصريح والصادق، وفي هذا السياق، فإن مختلف الوزراء والمسؤولين في البلدين مدعوون إلى تفعيل أنشطة ملموسة في إطار خارطة طريق طموحة وتغطي جميع قطاعات الشراكة ، تشمل كل القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وكان بلاغ للديوان الملكي، كشف أن ” إسبانيا تعتبر المبادرة المغربية للحكم الذاتي بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف” المتعلق بالصحراء المغربية، حيث جاء في رسالة بعث بها إلى جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، أكد رئيس الحكومة الإسبانية، فخامة بيدرو سانشيز أنه “يعترف بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب”، وفي هذا الصدد، “تعتبر إسبانيا مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007 بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف”.
و أشار بيدرو سانشيز إلى “الجهود الجادة وذات المصداقية التي يقوم بها المغرب في إطار الأمم المتحدة من أجل تسوية ترضي جميع الأطراف”، وأبرز رئيس الحكومة الإسبانية في رسالته إلى جلالة الملك، أن ” البلدين تجمعهما، بشكل وثيق، أواصر المحبة، والتاريخ، والجغرافيا، والمصالح، والصداقة المشتركة”، وأعرب سانشيز عن ” يقينه بأن الشعبين يجمعهما نفس المصير أيضا”، وأن “ازدهار المغرب مرتبط بازدهار إسبانيا والعكس صحيح”.
وأكد رئيس الحكومة الإسبانية في رسالته الى جلالة الملك على أن “هدفنا يتمثل في بناء علاقة جديدة، تقوم على الشفافية والتواصل الدائم، والاحترام المتبادل والاتفاقيات الموقعة بين الطرفين والامتناع عن كل عمل أحادي الجانب، وفي مستوى أهمية جميع ما نتقاسمه”، وفي هذا السياق، فإن “اسبانيا ستعمل بكل الشفافية المطلقة الواجبة مع صديق كبير وحليف”. وأضاف فخامة بيدرو سانشيز “أود أن أؤكد لكم أن إسبانيا ستحترم على الدوام التزاماتها وكلمتها”.
و جدد رئيس الحكومة الإسبانية، في رسالته الى جلالة الملك محمد السادس نصره الله، التأكيد على ” عزمه العمل جميعا من أجل التصدي للتحديات المشتركة، ولاسيما التعاون من أجل تدبير تدفقات المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، والعمل على الدوام في إطار روح من التعاون الكامل”، وخلص رئيس الحكومة الإسبانية فخامة بيدرو سانشيز، في رسالته إلى جلالة الملك، إلى “أنه سيتم اتخاذ هذه الخطوات من أجل ضمان الاستقرار والوحدة الترابية للبلدين”.