أطلق المغرب صباح أمس عملية عسكرية لتكنيس معبر الكركرات من رجس العصابة الإجرامية، التي ظلت طوال شهر كامل تغلقه في وجه حركة المرور بين المغرب وموريتانيا، بمنطق عصابات قطاع الطرق، وظل عشرات السائقين المغاربة عالقين في الحدود الموريتانية المغربية، بينما تنتشي عصابات البوليساريو بأنها تمنع حركة المرور من المعبر المذكور، في تحد صارخ للقانون الدولي وللاتفاقيات الموقعة تحت إشراف الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، واعتبار المنطقة العازلة منطقة محرمة على الوجود سواء المدني أو العسكري.
لقد مارس المغرب الصبر الاستراتيجي، وهي عملية ليست متاحة للدول التي يتم تسييرها بالمزاج، لكن المغرب اختار إقامة الحجة والدليل على أن البوليساريو ليست تنظيما سياسيا وعسكريا يمثل الصحراويين ولكنه مجرد عصابة متمردة تستغل الفضاء الشاسع بين المغرب وموريتانيا، وتستغل الأراضي، التي منحتها إياها الجزائر لتنطلق منها قصد تنفيذ أعمالها التخريبية في المنطقة.
وقد كان المغرب واضحا، ومن خلال الخطاب الملكي، بمناسبة الذكرى الخامسة والأربعون للمسيرة الخضراء، تبين أن المغرب متوجه نحو منطق القوة بعد منطق الحكمة، لأن جميع المساعي السلمية تم استنفاذها.
لقد قام المغرب بتوثيق كل الأعمال التخريبية الظالمة التي مارستها وتمارسها العصابات، ووضع المنتظم الدولي أمام مسؤولياته التاريخية، لأن إغلاق معبر يربط بين المغرب وبلدان كثيرة من القارة الإفريقية هو عمل جبان يستهدف السلم الإقليمي بل يستهدف قوت ملايين الناس من إفريقيا.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة وجه إنذارات متعددة للبوليساريو قصد إخلاء المعبر والمنطقة العازلة غير أن آذان “عبيد الجزائر” دائما صماء ولا تسمع صوت الحكمة، لأن الأسلوب الذي تفهمه هو أسلوب القوة.
الحكمة المغربية اقتضت أن تكون الأمم المتحدة هي المكلفة بإعادة الوضع الطبيعي إلى منطقة الكركرات، واليوم بعد أن أقام الحجة أمام الناظرين، وأمام العالم والمنتظم الدولي، تحرك اليوم، وفق ما يسمح به القانون ويخوله إياه، بمعنى أن العملية لم تخرج بتاتا عن القانون، وفي سياقه إذ المغرب دولة ذات سيادة ولا تخرج القوانين الدولية باعتبار أن المغرب هو جزء من المنظومة الدولية لحماية وضمان الاستقرار في العديد من البلدان، ولا تخلو منطقة توتر لا يوجد فيها مغاربة ضمن قوات حفظ السلام.
إخلاء المنطقة من عناصر المرتزقة والعصابات كان ضروريا لعدة اعتبارات، فأولا الكركرات هي منطقة ربط بين المغرب وموريتانيا بل كل غرب إفريقيا، وبالتالي فإن الأمر تجاوز حدود الاستفزاز إلى زعزعة الاستقرار، في المنطقة.
لا يمكن للمنتظم الدولي أن يبقى متفرجا على العصابات وهي تقوم بقطع الطريق، كي تخفي جرائمها المتعددة، ولكن ينبغي أن يتم تحميل الجزائر المسؤولية لأنهم لا يتحركون إلا تحت غطائها، حيث تحولت المنطقة إلى مكان لتجارة السلاح والمخدرات والاتجار في البشر والتحركات المشبوهة للعناصر الإرهابية.
المغرب تحرك بمنطق الحكمة قصد إقناع العصابات بالانسحاب وتحرك بالقوة لما رفضت صوت الحكمة.