خرج مجموعة من ممثلي الهيئات السياسة والنقابية الى الشوارع، مساء السبت، للاحتجاج ضد ما أسموه “الغلاء الفاحش” وارتفاع أسعار الخضر و الفواكه و المواد الأساسية ولهيب أسعار المحروقات، أمام تعنت حكومي في إلصاق الارتفاعات بالوضع الدولي، ورفع المحتجون بعدد من المدن شعارات ” حرية كرامة، عدالة اجتماعية، ومساواة فعلية”، و”المغرب أرض حرة، الفاسد يطلع برا: و”براكة من التهميش و الفقر و الحكرة” و “لا للغلاء نعم للحياة الكريمة”.
وطالب المحتجون باعادة فتح مصفاة “لاسامير” وعمل الدولة على تأميمها للحفاظ على الأمن الطاقي للمغاربة، بعدما خاضت الهيئات السياسية والنقابات وقفة احتجاجية امام المصفاة بالمحمدية مساء السبت، كما عرفت الوقفات الاحتجاجية شعارت ضد الحكومة وسياسة التهميش وغياب التواصل و الحوار مع النقابات.
وجاءت الاحتجاجات ضد الغلاء، على إثر ارتفاع أسعار الخضر ، التي عرفت أكبر ارتفاع من بين المواد الأساسية، حيث أوضحت المندوبية السامية للتخطيط، في مذكرتها أن نسبة ارتفاع أسعار الخضر تجاوزت المحروقات، حيث ارتفعت ب 13,8%، ما بين فبراير ومارس، مقابل 8% بالنسبة للمحروقات.
وكشفت مندوبية التخطيط ان مدينة الرشيدية هي الأغلى من بين المدن المغربية، حيث سجل الرقم الاستدلالي ارتفاعات في هذه المدينة ب 2,8%، وارتفع في بني ملال ب %2,5 وفي سطات و الحسيمة ب %2,4 وفي فاس و تطوان و آسفي ب %2,3 وفي مكناس و طنجة و العيون ب %2,1.
وأشارت المذكرة إلى أن مدينة كلميم هي الأرخص، حيث لم تتجاوز نسبة الارتفاع فيها 0,7%، في حين بلغت هذه النسبة %1,9 في القنيطرة و وجدة، وفي الدار البيضاء %1,7، وفي الداخلة %1,6 وفي مراكش %1,4 وفي أكادير و الرباط %1,2.، وعموما سجلت المندوبية ارتفاع الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك ب 1,8%، خلال شهر مارس مقارنة مع فبراير، وارتفاعا ب 5,3% مقارنة مع مارس من عام 2021.
سجلت المندوبية السامية للتخطيط ارتفاع الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك ب 1,8%، خلال شهر مارس المنصرم، بسبب ارتفاع الرقم الاستدلالي للمواد الغذائية ب 3,8% و الرقم الاستدلالي للمواد غير الغذائية ب 0,5%..
وأشارت المندوبية في مذكرة إخبارية لها أن مؤشر التضخم الأساسي، عرف من جهته ارتفاعا ب 0,5% خلال شهر و ب 3,9% خلال سنة، وهمت ارتفاعات المواد الغذائية المسجلة ما بين شهري فبراير ومارس، على الخصوص، أثمان “الخضر” ب 13,8% و” السمك وفواكه البحر” ب 6,2% و” الفواكه” ب 5,2% و “اللحوم” ب 3,5% و”الحليب والجبن والبيض” ب 2,1% و” الخبز والحبوب” ب 1,9% و “الزيوت والذهنيات” ب 1,2%، في حين انخفضت أثمان “المياه المعدنية والمشروبات المنعشة وعصير الفواكه والخضر” ب 0,2%.، و فيما يخص المواد غير الغذائية، فقد أشارت المندوبية في مذكرتها إلى أن الارتفاع هم على الخصوص أثمان “المحروقات” ب 8,0%، وبالمقارنة مع نفس الشهر من السنة السابقة، سجل الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك ارتفاعا ب 5,3% خلال شهر مارس 2022، نتيجة تزايد أثمان المواد الغذائية ب 9,1% و أثمان المواد غير الغذائية ب 2,8%..
وتراوحت نسب التغير للمواد غير الغذائية ما بين استقرار بالنسبة لكل من “الصحة” و”المواصلات”، وارتفاع قدره 7,6% بالنسبة للنقل”، وعرف مؤشر التضخم الأساسي الذي يستثني المواد ذات الأثمان المحددة والمواد ذات التقلبات العالية، حسب المذكرة، ارتفاعا ب0,5% خلال شهر مارس بالمقارنة مع شهر فبراير 2022 وب 3,9% بالمقارنة مع شهر مارس 2021.
من جهته شدد عزيز غالي رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ، على ان الأمن الغذائي من الحقوق الأساسية للمواطن، فعلى الدولة أن تعمل على ضمان الحق في الغذاء، ليس فقط عبر وفرة المنتوجات في السوق، ولكن مع تيسير القدرة على الوصول إليها واقتنائها من طرف المواطنين.
واعتبر غالي خلال ندوة نظمتها “الجبهة الاجتماعية المغربية” أن مخطط المغرب الأخضر أعطى الضربة القاضية للأمن الغذائي بالمغرب، بالتحول من إنتاج ما يحتاجه المغاربة في غذائهم إلى إنتاج المواد ذات القيمة العالية بهدف التصدير، تحت ذريعة توفير العملة الصعبة وعبرها استيراد المواد التي تدخل في الاستهلاك الغذائي للمغاربة.
وتوقف الفاعل الحقوقي على دعم الاستثمار الذي يبرز كيف أن الدولة تخلت عن إنتاج القمح الذي يعد المادة الأساسية بالمغرب، فدعم الاستثمار في هذه المادة لا يتجاوز 1,5 في المئة، مقابل 5 في المئة بالنسبة للزيتون، و18 في المئة للحوامض، وهو ما أدى إلى تراجع الأراضي المزروعة بالحبوب وارتفاع أراضي الحمضيات والزيتون، وعلاقة بالارتفاع الكبير في أسعار الزيوت، أبرز غالي أن المغرب شهد تراجعا كبيرا في إنتاج هذه المادة، إذ تقلصت المساحات الفلاحية لإنتاج المواد الأولية التي تدخل في إنتاج الزيت، على حساب إنتاج مواد أخرى مثل الفراولة.
وأفاد أنه ما بين 2008 و2017 كان هناك تراجع ب50 في المئة في الإنتاج الفلاحي المتعلق بالزيت، وشهدت المساحة التي كان يزرع فيها عباد الشمش تراجعا بـ 67 في المئة، كما أن المنتوجات الفلاحية المعدة للتصدير، يضيف غالي، تساهم في استنزاف المياه، حيث إن كيلوغرام واحد من الأفوكا يحتاج إلى ألف لتر من الماء.
وأكد غالي، أن المغرب ليس من الدول الضامنة للأمن الغذائي لمواطنها، والسياسات المستقبلة لا تسير لتصحيح هذا الوضع، كما أن الميل نحو الفلاحة التصديرية على حساب إنتاج المواد التي تدخل في الاستهلاك المغربي يجعلنا معرضين للهزات بسبب الأزمات في الأسواق الدولية، وهو ما قد يؤدي إلى توفر المال لكن دون أن نجد من يبيعنا ما نستهلكه.
و توقف غالي على صعوبة ولوج عدد كبير من المواطنين المغاربة إلى العديد من المواد الأساسية التي تدخل في الاستهلاك، وأشار إلى أن كلفة سلة الغذاء لدى الأسر المغربية تتجاوز 40 في المئة من ميزانية الأسرة، وهو رقم مرتفع مقارنة مع دول أخرى كفرنسا التي تكلف التغذية الأسر 12 في المئة من ميزانيتها، وفي الولايات المتحدة 6,6 في المئة، وتونس 27 في المئة والجزائر 29 في المئة.
وربط رئيس الجمعية الحقوقية بين العلاقة السببية لسلة الغذاء والجانب الصحي للمغاربة، فارتفاع تكلفة الغذاء يمس بصحة المواطنين، سواء فيما يتعلق بفقر الدم أو سوء التغذية وغيرها.