إدريس عدار
عادت جائزة نوبل للسلام هذه السنة إلى منظمتين، واحدة من روسيا والثانية من أوكرانيا، وناشط بيلاروسي، وتم منحها مناصفة إلى الناشط الحقوقي البيلاروسي أليس بيالياتسكي ومنظمتي “ميموريال” الروسية و”مركز الحريات المدنية” الأوكراني.
في كلمة موجهة إلى الصحافة قالت رئيسة لجنة نوبل النروجية بيريت ريس أندرسن “إن اللجنة ترغب من خلال منحها الجائزة إلى الممثلين الثلاثة عن المجتمعات المدنية في أوروبا الشرقية، تكريم ثلاثة أبطال لافتين في الدفاع عن حقوق الإنسان والديموقراطية والتعايش السلمي في البلدان الثلاث المتجاورة، بيلاروسيا وروسيا وأوكرانيا”.
وسارع الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى تهنئة الفائزين الثلاثة “لدفاعهم عن حقوق الإنسان في مواجهة الترهيب والقمع”، وفق ما قال. وأشار بايدن في بيان بالمناسبة “يذكرنا الفائزون بجائزة نوبل للسلام هذا العام بأنه حتى في أيام الحرب المظلمة وفي مواجهة الترهيب والقمع، لا يمكن القضاء على الرغبة الإنسانية المشتركة في الحقوق والكرامة”.
منظمة ميموريال الروسية تم حلها عن طريق اللجوء إلى المحكمة العليا، وقد وجهت إليها تهمة “العمالة للخارج”.
قال كثيرون إن التهمة ملفقة والغرض منها فقط إسكات أكبر صوت حقوقي في روسيا ويعبترها الغرب “صوت الروس في مواجهة الديكتاتورية من ستالين إلى بوتين”..
هكذا هي تحت الرعاية الطويلة الأمد، ومن مؤسسيها زاخاروف أشهر “منشق روسي”. وعند الحديث عن المنشقين ينبغي أن نتذكر قصة توظيف هؤلاء من قبل المخابرات الأمريكية. وللعلم فقط فإن السي آي إي لم تكن في البداية موجهة لأنشطتها الحالية، ولكن كانت مخابرات ثقافية، بمعنى “شراء” ذمم المثقفين، ومنهم كبار في الإبداع والرواية والفسلفة والفن والتمثيل والموسيقى، وقد تم لها ذلك كثيرا..لقد اشترت الكثير منهم لمواجهة المعسكر الاشتراكي..
ميموريال تحظى بالدعم الغربي الواضح، وتتماهى في نشاطها التوثيقي مع الرؤية الغربية للحقبة الشيوعية..هي تصور هذا العالم، الذي كان مغلقا، على أنه جحيم..ميركل بنت ألمانيا الشرقية تقول إن في ذلك مبالغات لا حصر لها..طريقتها في التوثيق للحقبة تسير وفق الرؤية الغربية حذو النعل للنعل..لهذا تتلقى دعما ماديا ومعنويا كبيرا..
رغم اهتمامها بالتاريخ السوفياتي فإنها تحاول بين الفينة والأخرى رصد الواقع..ولم تر من كل ما يجري سوى ما أسمته جرائم روسيا في سوريا..وهو أمر مضحك لأن داعش والنصرة وأخواتهما فتكتا بشكل كبير بالسوريين..بينما روسيا دخلت في إطار اتفاقيات محددة في إطار القانون الدولي.
وبنظرة إلى “مركز الحريات المدنية” الأوكراني الفائز مشاركة أيضا، فنجد أن رئيسته أولكساندرا ماتفيتشوك تقول في حوار صحفي يوم 28 من الشهر الماضي إن المركز قام بتوثيق ما يقارب 18 ألف جريمة حرب التي ارتكبتها القوات الروسية في أوكرانيا منذ بداية غزو هذا البلد في فبراير الماضي، حسب قولها.
هو انخراط واضح في الحرب الغربية ضد روسيا.
وليس غريبا أن يتم اختيار ناشط بيلاروسي لأن هذه الدولة متحالفة مع روسيا.
هناك نشطاء وثقوا لجرائم “الكيان المؤقت” لم ولن تصلهم جائزة نوبل للسلام. وتم منحها سنة 2009 للرئيس الأمريكي باراك أوباما في وقت كانت الطائرات الأمريكية تقتل العراقيين.
من هنا يبقى السؤال مشروعا: الفائزون بجائزة نوبل للسلام/ أبطال أم أدوات توظيف؟