وقت الرخاء يمكن لأي واحد أن يتصدر المشهد ويعلن نفسه رمزا، لكن وقت الشدة وحدهم القادة العظماء من يملكون شجاعة تصدر المشهد. الذين دوخوا دنيا الناس بخطابات إنشائية اختفوا، بينما تصدى جلالة الملك لمواجهة فيروس كورونا باعتباره جائحة تغزو العالم، والمغرب ليس بمنأى عنها.
جلالة الملك محمد السادس أعطى التعليمات للحكومة بالاستعداد لأي مرحلة أخرى إن اقتضى الأمر ذلك، بخلاف الخطاب التطميني غير المبني على الأرقام والتوقعات والممكنات والإمكانات، وبالتالي ينبغي الاستعداد إلى احتمالات طارئة، والاستعداد لن يكون بالكلام ولكن بالفعل.
إن أي مواجهة تعني الإعداد المالي الجيد بالإضافة إلى الأطر، ولهذا جاءت مبادرة جلالة الملك محمد السادس إلى التبرع بـ200 مليار سنتيم، لفائدة الصندوق الذي تم إحداثه لمواجهة جائحة فيروس كورونا، كتعبير عن أن المال عصب الحياة، ولا يمكن مواجهة جائحة بإجراءات كلامية ولكن بالمال والعمل.
التبرع يعني التخلي عن جزء مما تملك لفائدة الآخرين، ولن ننسى أن الإسلام الحنيف يدعو إلى التآزر في وقت الشدة، لأن وقت الرخاء كل واحد يكفي نفسه، أما اليوم فإننا أمام حدث عظيم وواقعة تاريخية، ومن أراد أن يكتب اسمه ضمن القوة المقاومة لفيروس كورونا فهذه فرصته اليوم، لأن المال يذهب ويأتي لكن الفرص التاريخية نادرة.
فوقت الشدة يظهر القادة العظماء، وهذا الظرف أكد أن جلالة الملك كما عهدناه قائد عظيم، باتخاذ المبادرات للمواجهة والمساهمة فيها أولا.