بعد القرار الذي اتخذه وزير التربية والتعليم الأولي والرياضة بخصوص تحديد السن الأقصى للتقدم لمباريات أساتذة أطر الأكاديميات، ارتفعت العديد من الأصوات المدنية والنقابية مطالبة بالتراجع عنه لاعتبارات عديدة، لكن الوزير أكد عدم التراجع عن القرار، وتبعه القيادي في التجمع الوطني للأحرار رشيد الطالبي العلمي، الذي قال إن “الإصلاح يتطلب اتخاذ إجراءات صعبة”، بمعنى أن إصلاح التعليم يبدأ من إقصاء فئة من المجتمع من التقدم للمباريات.
القرارات الصعبة هي النغمة الجديدة التي سيعزف عليها عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، وهي النغمة التي سيتميز بها عن شركائه في الحكومة، حيث خرجت نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب التابعة لحزب الاستقلال عضو الترويكا الحكومية والمساندة للأغلبية في مجلس المستشارين، مطالبة بالتراجع عنه، لكن زعيم التجمع الوطني للأحرار وزعيم “تجمع المصالح الكبرى” يصر على قصة الإجراءات الصعبة والقاسية.
لا ينبغي أن ننسى أن مبرر القرارات الصعبة ليس جديدا، فالحكومات السابقة اتخذت إجراءات وحاولت إقناعنا بأنها إجراءات صعبة لابد منها. جاء بنكيران إلى التلفزيون ليقول للمواطنين إنه مضطر لزيادة درهمين في سحر المحروقات كإجراء صعب وضروري و”غير صبرو معنا”، ولم يكتف بذلك فقد اتخذ إجراء تحرير أسعار المشتقات النفطية دون تسقيف وأيضا تحت عنوان “القرارات الصعبة”، ورفع من سن التقاعد وزاد في قيمة المساهمة الشهرية للمنخرط وخفّض من المعاش تحت عنوان “القرارات الصعبة”.
تساؤلات كثيرة يطرحها هذا العنوان: لماذا القرارات الصعبة تمس فقط الفئات الصغيرة، أما المتوسطة فقد تم إعدامها وما بقي منها يقاوم كي لا ينتهي؟ لماذا القرارات الصعبة لم تمس الشركات الكبرى، ومنها عشرات الشركات في ملك رئيس الحكومة وفي ملك قياديين في حزبه وفي ملك وزراء وغيرهم من المقربين منه؟ لماذا الضرائب أغلبها نزل مباشرة في جيوب صغار القوم وهم الأغلبية المطلقة حتى لم تبق لهم جيوبا؟
من المؤسف أن الحكومات في المغرب تتعامل بمنطق القطيعة، وهو منطق خاطئ، فالحكومة السابقة كان التجمع مشاركا فيها، ورئيس الحكومة الحالية استوزر مدة 15 سنة، وكانت لديه وزارة مهمة جدا، ووزير الاقتصاد والمالية أول ما قامت به هو مهاجمة الحكومة السابقة مع العلم أن جلالة الملك أشار إلى انتعاش الاقتصاد المغربي خلال السنة الماضية رغم ظروف الجائحة.
الحكومات التي تؤمن بالقطيعة حكومات غير وطنية، لأنها لا تؤمن بالاستمرارية، والاستمرارية ضرورية لأن فيها استمرارا للمشاريع الكبرى، لكن كل حكومة تأتي تقول إنها جاءت بمشروع إصلاحي، ولكن أين هو المشروع الإصلاحي للحكومة السابقة؟ وبعد أن تقضي وقتها وترحل تأتي حكومة أخرى لتقول إنها جاءت بمشروع إصلاحي ويضيع الوطن.
ما فاه به القيادي التجمعي حول القرارات الصعبة هو المقص الذي رفعته الحكومة في وجه المواطنين كي تقضي على ما تبقى من أمل في العيش. لأنه تحت هذا العنوان سيتم اتخاذ إجراءات قاسية.