قررت المحكمة الدستورية إلغاء مقعدين بمجلس المستشارين على إثر قبولها الطعون المقدمة في انتخابهما، وفق قرار صادر عنها في 25 أكتوبر الجاري، ووفقا لعريضة الطعن المقدمة حول انتخابات مجلس المستشارين التي جرت بتاريخ 5 أكتوبر 2020 أصدرت المحكمة الدستورية حكما نهائيا غير قابل للطعن بإقالة عضوين من الاتحاد المغربي للشغل من عضوية مجلس المستشارين ويتعلق الأمر بآمال العمري وعزالدين زكري.
وجاء في حيثيات قرار المحكمة بخصوص المطعون في انتخابه عز الدين زكري أنه ترشح للاقتراع ممثلا لقطاع الضمان الاجتماعي، دون أن تكون له صفة مندوب للأجراء بالقطاع الذي ترشح باسمه، بما أنه انقطع عن العمل منذ 2015 لبلوغه سن التقاعد وعدم استفادته من التمديد طبقا للقانون، أما بخصوص المطعون في انتخابها أمال العمري فلاحظت المحكمة أنها ترشحت ممثلة للقطاع البنكي رغم “انقضاء صفتها” مندوبة للأجراء لبلوغها سن التقاعد، وتجازها “الحد الأقصى للتمديد”، ووجودها في حالة “تفرغ” ، وأمر قرار المحكمة بإجراء انتخابات جزئية لشغل المقعدين الشاغرين، طبقا للمادة 92 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين.
وجاء في حيثيات الملف، انه بعد اطلاع المحكمة الدستورية على العرائض الخمس المسجلة بأمانتها العامة في 4 و5 نوفمبر 2021، الأولى والثانية قدمهما السيدان بلقاسم المعتصم وأحمد الراجي –بصفتهما مترشحين- طالبين فيهما إلغاء انتخاب السيد عز الدين زكري والسيدة أمال العمري في الاقتراع الذي أجـري فـــي 5 أكتوبر 2021 لانتخاب أعضاء مجلس المستشارين برسم الهيئة الناخبة المكونة من ممثلي المأجورين، والثالثة قدمها كل من السيد عبد الناصر الخبولي- بصفته مترشحا- وباقي المترشحات والمترشحين بلائحة ترشيحه، في مواجهة السيد المصطفى الوجداني، طالبا فيها تصحيح النتائج الحسابية التي أعلنتها لجنة الإحصاء وإلغاء انتخاب السيدات والسادة ميلود معصيد وأمال العمري وعز الدين زكري ونور الدين سليك ومينة حمداني وفاطمة الإدريسي وبوشعيب علوش ومريم الهلواني في نفس الاقتراع، والرابعة قدمتها السيدة مريم شكيبي-بصفتها مترشحة- طالبة فيها إلغاء انتخاب السيدة سليمة زيداني في الاقتراع المذكور وباقي “العملية الانتخابية”، والخامسة قدمها السيد المصطفى الوجداني- بصفته مترشحا- طالبا فيها إلغاء انتخاب السيدات والسادة ميلود معصيد وأمال العمري ونور الدين سليك ومينة حمداني وعز الدين زكري وفاطمة الإدريسي وبوشعيب علوش ومريم الهلواني في الاقتراع السالف ذكره، برسم نفس الهيئة؛ وبعد منح الطاعن الثاني، بصورة استثنائية، بناء على طلبه، أجلا إضافيا، للإدلاء بمستند؛ وبعد اطلاعها على المذكرات الجوابية العشر المسجلة، على التوالي، بنفس الأمانة العامة في 12 يناير و2 فبراير 2022؛ وبعد الاطلاع على المستندات المدلى بها، وعلى باقي الوثائق المدرجة في الملفات؛ وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)؛
وأكدت المحكمة، أن المأخذ يتلخص في دعوى أن المطعون في انتخابه، السيد عز الدين زكري ترشح للاقتراع موضوع الطعن، باسم إحدى المنظمات النقابية “ممثلا لقطاع الضمان الاجتماعي”، دون أن تكون له صفة مندوب للأجراء بالقطاع المذكور، إذ انقطع عن العمل بمصالح الضمان الاجتماعي منذ شهر نوفمبر 2015 لبلوغه سن التقاعد وعدم استفادته من التمديد طبقا للقانون، وأنه انتخب مندوبا رسميا في الجمع العام للأعمال الاجتماعية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عن فئة المتقاعدين، وانتخب في 16 يونيو 2021، مندوبا أصليا للأجراء بإحدى الشركات بمكناس، كل ذلك في مخالفة لأحكام الفصلين 24 و90 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين ولمقتضيات المادة الأولى من القانون رقم 72.14 المحددة بموجبها السن التي يجب أن يحال فيها على التقاعد الموظفون و المستخدمون المنخرطون في نظام المعاشات المدنية، والمادة 74 من مدونة الانتخابات، والمواد 435 و438 و439 و526 من مدونة الشغل؛
وحيث إن القانون رقم 72.14، المستدل به، لا ينطبق على النازلة، إذ الثابت من وثائق الملف، أن المطعون في انتخابه لا يندرج ضمن فئة الموظفين والمستخدمين المعنية بالقانون المذكور، مما يجعل وضعيته، فيما يخص السن القانوني للتقاعد، خاضعة لمقتضيات مدونة الشغل؛
وحيث إن انتخاب المطعون في انتخابه، في 16 يونيو 2021 مندوبا رسميا عن فئة المتقاعدين وعضوا بالجمع العام لجمعية الأعمال الاجتماعية بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وما نعاه الطرف الطاعن وأثاره المطعون في انتخابه من دفع بهذا الخصوص، لا صلة له بالنازلة، ويبقى عديم الأثر على وضعية المعني بالأمر، إذ أن مناط المنازعة في أهلية المطعون في انتخابه، ينصب على صحة اكتسابه صفة الأجير، واستمراره في الشغل بعد بلوغه السن القانوني للتقاعد، بناء على قرار تتخذه السلطة الحكومية المختصة، طبقا لما تنص عليه الفقرة الأولى من المادة 526 من مدونة الشغل من أنه: ” يجب أن يحال إلى التقاعد كل أجير بلغ سن الستين. غير أنه يمكن الاستمرار في الشغل، بعد تجاوز هذه السن، بناء على قرار تتخذه السلطة الحكومية المكلفة بالشغل، بطلب من المشغل وبموافقة الأجير.”
وحيث إن الطرف الطاعن، أدلى لتعزيز مأخذه، ببيانات الشركة التي انتخب بها المطعون في انتخابه مندوبا للأجراء، كما أدلى بنسخة من محضر انتخاب المطعون في انتخابه، في 16 يونيو 2021، مندوبا أصليا للأجراء بالشركة السالف ذكرها؛
وحيث إن المطعون في انتخابه، أدلى من جهته بنسخة من قرار صادر عن المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يفيد إحالة المعني بالأمر على التقاعد ابتداء من 30 ماي 2018؛
وحيث إنه، لئن أدلى المطعون في انتخابه بهذه الوثيقة، فإنه يبين من الاطلاع على المراسلة الصادرة عن وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، المؤرخة في 30 سبتمبر 2022، جوابا على كتاب المحكمة الدستورية، أن مصالح هذه الوزارة لم يسبق لها إصدار أي ترخيص للمطعون في انتخابه، للاستمرار في العمل بعد بلوغه سن الستين؛
وحيث إنه، تبعا لذلك، تكون صفة الأجير قد انتفت عن المطعون في انتخابه، وقت إيداع ترشيحه برسم الاقتراع موضوع الطعن، كما انتفت معه صفتاه ناخبا وممثلا للأجراء برسم انتخاب مندوبيهم، وبالتبعية، عضويته بالهيئة الناخبة التي ترشح فيها برسم الاقتراع موضوع المنازعة، طبقا للفقرة الثانية من المادة 5 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين التي تنص على أنه: “يجب…أن يكون المترشحون للانتخابات التي تجري في هيئة من الهيئات الناخبة المنصوص عليها في المادة الأولى أعلاه، أعضاء في الهيئة التي يترشحون عنها.”، وتعين معه إبطال انتخاب السيد عز الدين زكري، عضوا بمجلس المستشارين، من غير حاجة للبت في باقي المآخذ المثارة في مواجهته؛
في شأن المأخذ المتعلق بأهلية المطعون في انتخابها السيدة أمال العمري:
حيث إن هذا المأخذ يتلخص في دعوى أن المطعون في انتخابها، السيدة أمال العمري ترشحت باسم إحدى المنظمات النقابية، برسم نفس الاقتراع، ممثلة للقطاع البنكي، رغم “انقضاء صفتها” كمندوبة للأجراء لبلوغها سن التقاعد، وتجاوزها “الحد الأقصى للتمديد”، ووجودها في حالة “تفرغ” إثر انتخابها عضوا بمجلس المستشارين برسم الولاية الانتدابية المنصرمة، كل ذلك في مخالفة للقانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين وللمادة الأولى من القانون رقم 72.14 المشار إليه، ومنشور السيد رئيس الحكومة المتخذ إعمالا للقانون المذكور، وللمادة 435 من مدونة الشغل؛
وحيث إنه، فضلا عن عدم انطباق القانون رقم 72.14 على وضعية المطعون في انتخابها، لنفس الأسباب التي سبق بيانها أعلاه، فإن حالة التنافي، تهم، علاقة بالنازلة، الفئات المشار إليها في الفقرة الثالثة من المادة 15 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين، ولا تعد المطعون في انتخابها ضمنها، لكونها مستخدمة بالقطاع الخاص، كما هو ثابت من وثائق الملف، مما يكون معه ما نعاه الطرف الطاعن، من هذين الوجهين، غير مرتكز على أساس من القانون.
و من جهة، فإن الطاعنة أدلت بمحضري معاينتين اختياريتين منجزتين من قبل مفوض قضائي في 5 أكتوبر 2021 تمت فيهما معاينة عدم تضمن اسم المرتب خامس عشر بلائحة ترشيحها، بلوائح الناخبين المعلقة بجدران ثانوية الحسن الثاني قرب مكاتب التصويت المحدثة بذات الثانوية، و كذا أسماء 25 ناخبا آخر، ضمنت أسماؤهم في لائحة خطية أرفقت بمحضر المعاينة مع أرقام بطائقهم الوطنية وصفاتهم والمنشآت والمؤسسات التي يعملون بها، دون تحديد أرقام الناخبين ومكاتب التصويت المعنية، وكذا بوثيقة غير مستوفية للشكليات المتطلبة في محضر انتخاب مندوبي الأجراء، ومختومة بخاتم شركة خاصة، تفيد انتخاب سبعة منهم مندوبين أصليين للأجراء؛
وحيث إن يبين من الاطلاع على لائحة أعضاء الهيئة الناخبة لممثلي المأجورين، المبوبة حسب العمالات والأقاليم وعمالات المقاطعات، كما تم حصرها في 4 أكتوبر 2021، المستحضرة من قبل المحكمة الدستورية، أن المرتب خامس عشر بلائحة ترشيح الطاعنة الرابعة، مقيد بعمالة مقاطعات سيدي البرنوصي، وليس بعمالة الرباط، كما جاء في الادعاء؛
وحيث إنه، فضلا عن ذلك فإن التصويت يكون سريا، طبقا لما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 74 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين، مما لا يمكن معه الادعاء بتصويت عضو أو أعضاء من الهيئة الناخبة لفائدة لائحة ترشيح محددة؛
وحيث إنه، من جهة أخرى، فإن الطاعن لم يدل سوى ب 13 إشهادا لناخبين صيغت وفق نموذج موحد أفادوا فيها أنهم لم يتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم كناخبين بسبب الاكتظاظ والازدحام، مما لا يقوم وحده حجة لإثبات الادعاء، ويكون معه المأخذان المتعلقان بسير الاقتراع غير قائمين على أساس صحيح؛
لهذه الأسباب أولا- تصرح بعدم قبول الطعن الموجه ضد السيد المصطفى الوجداني؛
ثانيا- تقضي بإلغاء انتخاب كل من السيد عز الدين زكري والسيدة أمال العمري عضوين في مجلس المستشارين، على إثر الاقتراع الذي أجري في 5 أكتوبر 2021، برسم الهيئة الناخبة المكونة من ممثلي المأجورين، وتأمر بإجراء انتخابات جزئية لشغل المقعدين الشاغرين، طبقا للمادة 92 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين؛ برفض طلبي السيد عبد الناصر الخبولي وباقي المترشحات والمترشحين بلائحة ترشيحه والسيد المصطفى الوجداني الراميين إلى إلغاء انتخاب السيدات والسادة ميلود معصيد ونور الدين سليك ومينة حمداني وفاطمة الإدريسي وبوشعيب علوش ومريم الهلواني في نفس الاقتراع، وتصحيح النتائج الحسابية التي أعلنتها لجنة الإحصاء، وبرفض طلب السيدة مريم شكيبي الرامي إلى إلغاء انتخاب السيدة سليمة زيداني في الاقتراع المذكور؛
ثالثا- تأمر بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى السيد رئيس مجلس المستشارين، وإلى الجهة الإدارية التي تلقت الترشيحات بالدائرة الانتخابية المذكورة وإلى الأطراف المعنية وبنشره في الجريدة الرسمية.