عبرت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، في بلاغ صدر عقب اجتماعها الأسبوعي “عن استهجانها للتوظيف السياسي والحزبي لعملية الإحسان العمومي مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، مما يسيء للطابع النبيل لهذا الإحسان”. في إشارة قوية إلى الجدل الدائر حاليا حول جمعية “جود”، التي قامت بعمليات توزيع لقفات رمضانية على نطاق واسع، وأثارت جدلا واسعا وصل إلى البرلمان وانبرى قادة وبرلمانيو التجمع الوطني للأحرار الدافع عنها وتبنيها.
لا يمكن إلا إدانة سلوك الاستغلال السياسي للعمل الخيري والإحساني، الذي هو مشترك مغربي أصيل، وعبرنا أيضا عن إدانتنا لهذا السلوك غير المتحضر، الذي يفهم العمل الخيري بعقلية المقاولة، ولم تكن الجمعية لتثير كل هذا الجدل لولا تبنيها من قبل قيادة التجمع.
لكن..هذا الفعل المدان الذي ارتكبه التجمع لا ينفي أن العدالة والتنمية متورط حتى النخاع في توظيف المشترك المغربي.
في وقت سابق عرف المغرب تزوير الانتخابات بشكل كبير والفساد الانتخابي، لكن لم يثبت أن حزبا سياسيا استغل الدين أو قفة رمضان وأكباش العيد من أجل الفوز في الانتخابات، نعرف أنه كانت توزع الأموال خلال الحملة الانتخابية، وتقام الولائم الانتخابية وتقضى الأغراض مقابل التصويت، كل هذا كان، واليوم أصبح صعبا بحكم التشديد القانوني على هذه الأساليب، لكن استغلال الدين والعمل الخيري في الانتخابات عرفهما المغرب مع العدالة والتنمية.
يوم دخل حزب العدالة والتنمية إلى العمل السياسي كان مبتدئا ومحترسا ولا يرشح إلا بضعة أعضاء للانتخابات، لكن لما ظهر له أن الانتخابات يمكن أن تكون وسيلة للتمكين أصبح محترفا في أساليب التزييف عبر خطاب ديني بل يستعمل وسيلة هي نفسها التي يستعملها التجمع اليوم، حيث يستغل بعض خطباء المساجد، الذين يظهرون فقط مع قادته دون الحضور في التجمعات، ولكن هذه وحدها كافية لاستمالة الناخبين.
الحزب الإسلامي وإضافة إلى استغلاله للخطاب الديني استعمل القفة كثيرا في حملاته الانتخابية، بل هو من صنع الناخب الزبون، أي الناخب الذي يرتبط بالجمعيات المرتبطة بعناصر الحزب، والتي ترافقه طوال السنة وبالتالي هو ناخب دائم وزبون لدى العدالة والتنمية.
بكاؤه اليوم على استغلال العمل الإحساني في العمل السياسي هو من باب رفع العتب. يريد أن ينضم إلى الآخرين المتضررين من العملية، لكن هو ليس متضررا منها مادام أيضا يستعملها.
ما أرعب العدالة والتنمية هو حجم القفات السياسية التي يوزع التجمع الوطني للأحرار تحت عنوان “جود”، فهي ضخمة وكبيرة جدا وتتم بشاحنات طويلة جدا. هو خوف من منافسة في مجال كان حكرا عليه لكن بمستوى متطور مقاولاتي.
نعم تنبغي التشديد على إدانة قفات أخنوش لكن ينبغي التشديد على إدانة قفات العثماني. هناك استغلال بشع من الطرفين للعمل الإحساني في القضايا السياسية، والخلاف حول المستوى فقط، وبالتالي سلوك التجمع مدانا بأشد العبارات وكذلك سلوك البيجيدي. وأحسن طريقة للتخلص من ذلك هو ترك المشترك المغربي بعيدا عن التوظيف السياسي.