من المفروض أن يكون لقاح أسترازينيكا قد وصل أمس الجمعة إلى المغرب قادما من الهند، على أن تبدأ الحملة قريبا أو فورا وفق تصريح رئيس الحكومة، الذي قال “غير توصل السلعة نبداو التلقيح” أو وزير الصحة، الذي قال “سنبدأ حملة التلقيح مباشرة بعد التوصل بجرعات اللقاح، ولكن لم يقولا ما إن كانت الحملة ستبدأ بمجرد وصول مليوني جرعة أم سينتظرون إلى أن يتم استكمال التوريد؟ وستشمل الحملة في مفتتحها المواطنين البالغين 45 سنة فما فوق باعتبارهم الفئة الأكثر عرضة للإصابة بالأنفلونزا.
التشكيك في أهمية اللقاح لا ينبغي أن يكون حاجزا أمام المواطنين للانخراط في الحملة باعتبار أن هناك إجماع علمي وطبي على أن اللقاح هو الوسيلة الوحيدة للوقاية من فيروس كورونا، كما أن التطعيم بجرعتي اللقاح لا يعفي المواطنين من الاستمرار في اتخاذ الإجراءات الاحترازية، واحترام التدابير الوقائية التي تقرها السلطات المحلية، لأنها تعتمد معايير نسبة الإصابة وسط كل مائة ألف نسمة، وبالتالي لا ينبغي اعتبار بداية حملة التلقيح نهاية الجائحة ولكن بداية الانتصار عليها.
لا يمكن الإعلان عن نهاية الجائحة إلا بعد تسجيل الحالة صفر وإلا فإن الاحتياطات ينبغي أن تتواصل إلى حين تكوين مناعة جماعية عبر حملة التلقيح التي ينبغي أن تفوق 70 في المائة من الساكنة، وبعدها يمكن أن نعود إلى الحالة الطبيعية لكن غير ذلك يمكن أن يؤدي إلى الكارثة.
لكن ونحن نتحدث عن اللقاح القادم من الهند ينبغي التنويه إلى أن الحكومة تعاملت وتتعامل مع المغاربة باعتبارهم قاصرين، حيث غابت الشفافية، إذ لم نعرف خبر توجه الطائرة المغربية لجلب اللقاح إلا من خلال صفحة على الفيسبوك وتويتر، ولم نتأكد من ذلك إلا من خلال تصريح لوزير خارجية الهند، الذي قال أول أمس في تصريح صحفي إن حكومة بلاده والإدارة الدوائية صرّحت بنقل شحنات من اللقاح إلى البرازيل والمغرب، وأمس الجمعة بدأت عمليات تسريب صور شحن اللقاحات القادمة للمغرب من مطار بومباي.
فالحكومة ورّطت المغاربة في بحر من الأخبار الزائفة، وذلك نتيجة عدم الشفافية، إذ لا يعقل أن يقول وزير إنه لا علم له بوصول أو عدم وصول اللقاح، لأن هذا يجعله خارج دائرة المصداقية، وعندما ينعدم التواصل السليم بين الحكومة والمواطنين تكثر الإشاعة، ويصبح المواطن عرضة للأخبار الزائفة.
وهكذا تكون الحكومة غير مشاركة للمواطن في حياته اليومية، بل تضيع حقه في الوصول إلى المعلومة، وهناك معلومات لا ينبغي أن يطلبها، ولكن ينبغي أن تصل إليه مباشرة حتى نتفادى كل هذه التفاهات الناتجة عن الفايك نيوز، والتي قد تخلق قلاقل لا قدر الله.
لم تستفد الحكومة من جلالة الملك الذي انخرط منذ اليوم الأول في مكافحة الجائحة وأشرف على كل تفاصيلها حتى استطعنا المرور من المرحلة الحرجة.