لا يمكن بأي حال من الأحوال الخلط بين الأمور الشخصية التي قد تحصل لأي واحد من المواطنين في مواجهته للمؤسسات وبين الموقف منها، ولا يمكن لأي سبب من الأسباب القيام بتبخيس عمل المؤسسات الدستورية خصوصا إذا كانت مؤسسة أمنية، حيث إن المغرب يتميز بالاستقرار الأمني، الذي يساعد بشكل كبير على خلق مناخ من الثقة بين بلادنا وباقي بلدان العالم.
المؤسسات الأمنية في المغرب تقوم على أساس تبني الخيار الديمقراطي، أي أن الممارسة الأمنية مضبوطة بالقوانين الناظمة، الصادرة عن المؤسسة التشريعية، وهي مجرد أداة تنفيذية، تقوم بدورها في إنفاذ القانون وتطبيقه والحرص التام على الانضباط له، كما أنها متوافقة مع القوانين الدولية والاتفاقيات الساري بها العمل والمواثيق الدولية، التي صادق عليها المغرب، وبالتالي لا مجال للتشكيك في دورها.
من قام بالتشكيك في مؤسسة أمنية يعرف أن مديرها تم توشيحه دوليا بعدد من الأوسمة، نظير القدرة على العمل بجدية في حماية الأمن القومي والإقليمي والمساعدة الدولية، من قام بذلك لا يملك أية مصداقية، لأن المنطق يفرض أن كل هذه الدول لا يمكن أن تجتمع على ضلالة.
عندما زار المفوض الأممي المكلف بالتعذيب المغرب، كتب تقريرا عن مهمته قال فيه إن التعذيب لم يعد موجودا في المغرب وليس سياسة ممنهجة، وأن الحالات المنفردة، التي تقع هنا وهناك، يتم التعامل معها قانونيا، ويتم معاقبة مرتكبيها، وبالتالي أُسقط في أيدي الذين كانوا يزعمون أن هناك عمليات تعذيب.
ما يقوم به اليوم بعض الأشخاص من مزاعم في حق مؤسسة أمنية، أكدت مع مرور الزمن، على أهميتها القصوى في حماية الوطن والمواطنين، وأن عناصرها يقدمون تضحيات كبيرة، من أجل ننعم بالاستقرار، ما يقوم به هؤلاء عملية غير أخلاقية، لأن المنطق يفرض أن يقول للمخطئ أخطأت وللمصيب أصبت، فكيف ينكر منصف دور المؤسسة الأمنية التي كانت هذه الأيام محط هجوم من قبل أناس كان مفروضا فيهم أن يكونوا عقلاء في التعامل مع القضايا وخصوصا الأمنية، لا سيما أن واحدا منهم سبق أن اشتغل وسط مؤسسات الدولة كوزير ناهيك عن كونه محاميا لمدة فاقت الخمسين سنة.
إن العلاقة التي تربط المواطن بالمؤسسة الأمنية هي علاقة مرتفق بمرفق عمومي، وبالتالي هي علاقة يؤطرها القانون ولا شيء غير القانون، ومن المؤسف أن يصدر عن رجل القانون كلاما لا يمت للقانون بصلة بتاتا. بل وصلت الوقاحة بأحدهم حد التشكيك في قيمة وجود مؤسسة برمتها وهو يعرف أن المؤسسات ليست نافلة وإنما هي فرض، ولا يمكن إلغاء مؤسسة أمنية تقوم بدور مهم إلا عن طريق استبدالها عندما تدعو الحاجة إلى ذلك، لكن أن تكون الدعوة لمجرد نزوة شخصية ورغبة مقيتة في الانتصار الفردي بينما الأمن قضية وطنية وأي تشكيك في المؤسسات الأمنية هو دعوة للفوضى.