أنهى قرار المحكمة الدستورية “تمرد” حزب العدالة و التنمية ضد القوانين المؤطرة للاستحقاقات الإنتخابية، مصرحة في قرارها القضائي الأخير، أن ” اعتماد القاسم الانتخابي ليس فيه ما يخالف الدستور، وذلك بعد اطلاعها على القانون التنظيمي رقم 21.06 والقاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 11.59 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية كما وقع تغييره وتتميمه، وأوضحت المحكمة، في قرارها رقم 120/21، وبشأن، المادتين 92 (الفقرة الثانية) و139 (الفقرة الثانية) من القانون التنظيمي، أن “اعتماد قاسم انتخابي يستخرج عن طريق قسمة عدد المصوتين في الدائرة الانتخابية المعنية على عدد المقاعد المراد شغلها، وعدم اشتراط نسبة معينة من الأصوات يتعين على لوائح الترشيح الحصول عليها للمشاركة في عملية توزيع المقاعد، ليس فيه ما يخالف الدستور، إذ لا يمس بحرية ونزاهة الاقتراع وشفافيته، ولا بدور الانتخابات المعتبرة أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي، كما هو مقرر، على التوالي، في الفصلين 2 و11 من الدستور، وبناء على ما سبق، تضيف المحكمة، فليس في أحكام المادتين 92 (الفقرة الثانية) و139 (الفقرة الثانية) ما يخالف الدستور.
وعللت المحكمة قرارها بأن هاتين المادتين، تنصان، في فقرتيهما المذكورتين، على أنه “توزع المقاعد بين اللوائح بواسطة قاسم انتخابي يستخرج عن طريق قسمة عدد المصوتين في الدائرة الانتخابية المعنية على عدد المقاعد المراد شغلها. وتوزع المقاعد الباقية حسب قاعدة أكبر البقايا، وذلك بتخصيصها للوائح التي تتوفر على الأرقام القريبة من القاسم المذكور”، وعلى أنه “توزع المقاعد بين اللوائح بواسطة قاسم انتخابي يستخرج عن طريق قسمة عدد المصوتين في الدائرة الانتخابية المعنية على عدد المقاعد المراد شغلها. وتوزع المقاعد الباقية حسب قاعدة أكبر البقايا، وذلك بتخصيصها للوائح التي تتوفر على الأرقام القريبة من القاسم المذكور”.
وأشارت إلى أن الدستور لا يتضمن أي حكم يتعلق بالنظام الانتخابي، بصفة عامة، ولا أي مبدإ يراعى في الاختيارات التشريعية المتعلقة بنمط الاقتراع، وطريقة احتساب القاسم الانتخابي، والقاعدة المعتمدة لتوزيع المقاعد على اللوائح المترشحة التي لم يبلغ عدد الأصوات التي حصلت عليها سقف القاسم الانتخابي، وتحديد نسبة معينة من الأصوات التي يتعين على لوائح الترشيح الحصول عليها للمشاركة في عملية توزيع المقاعد، وأضافت أن من مشمولات النظام الانتخابي، المتعلق بالجهات والجماعات الترابية الأخرى، عملية تحويل الأصوات الى مقاعد، عبر قواعد محددة لاحتساب القاسم الانتخابي، وعملية فرز الأصوات، وعملية توزيع عدد المقاعد المراد شغلها، في ظل نظام انتخابي واحد، يقوم على أساس الاقتراع اللائحي والتمثيل النسبي، وهي عمليات قائمة الذات، ولاحقة على التصويت، يعود تقدير القواعد المتعلقة بها لسلطة المشرع، ولعمل الملاءمة بين الاختيارات الممكنة، شريطة التقيد في ذلك بالضوابط المقررة لضمان حرية ونزاهة وشفافية الانتخابات، المنصوص عليها في الفصلين 2 و11 من الدستور.
وأفادت المحكمة الدستورية بأنه ليس في القانون التنظيمي رقم 21.06 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 11.59 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 173.11.1 بتاريخ 24 من ذي الحجة 1432) 21 نوفمبر 2011، ما يخالف الدستور.
من جهتها خرجت الأمانة العامة لحزب “العدالة والتنمية” ، لتقول أن إقرار القاسم الانتخابي على أساس المقيدين اختيار غير ديمقراطي ويمس بالشرعية الانتخابية ويتعارض مع كل القواعد التي أسست للاختيار الديمقراطي باعتباره أحد الثوابت الدستورية الجامعة.
وأضافت الأمانة العامة لحزب “المصباح” في بيان لها أن “القاسم الانتخابي على أساس قاعدة المقيدين يمس بمصداقية المؤسسات المنتخبة ويجعلها غير قادرة على التعبير الحقيقي عن الإرادة العامة للأمة والتي يفرزها التصويت الحر والنزيه والمعبر عنه من خلال المشاركة في عملية الاقتراع، كما أن هذا القاسم الانتخابي سيسهم في مزيد من العزوف الانتخابي بدل أن يكون جزءا من الحل لتعزيز ثقة المواطنين في الانتخابات ومن خلالها في المؤسسات المنتخبة، فضلا عن كونه شاردا ديمقراطيا وناشزا عن التجربة العالمية المقارنة”.
واعتبرت الأمانة العامة للمصباح أن” إقرار القاسم الانتخابي على أساس قاعدة المقيدين هو إجراء تراجعي تحكمه دوافع سياسية تسكنها الرغبة في تسقيف النتائج الانتخابية والتوزيع المتساوي للمقاعد على الجميع، بما يفرغ الانتخابات من مضمونها التنافسي والسياسي وبما ينزع عنها دورها في محاسبة الأحزاب السياسية وتحميلها مسؤولية نتائج أدائها السياسي والتدبيري”، كما أوضحت الأمانة العامة للمصباح أيضا أن ” إقرار القاسم الانتخابي على أساس قاعدة المقيدين يساوي بين من يشارك بالتصويت ومن يقاطع لكونهما يسهمان فعليا ومعا في القرار الانتخابي في نهاية المطاف، كما أنه سيسهم في تمييع عمل المؤسسات ويجعلها غير قادرة على الاضطلاع بأدوارها الدستورية والقانونية وخاصة قيامها بوظيفتها التنموية، وهو ما يقتضي حرص الجميع الحفاظ على ضمانه، وتحصين ما حققته وتحققه بلادنا من تراكم إيجابي في مسيرتها الديمقراطية والتنموية”.
وثمنت الأمانة العامة في بيانها”المواقف القوية للمجلس الوطني للحزب الصادرة في البيان الختامي لدورته الاستثنائية المنعقدة يوم 21 مارس الأخير، والتي أكد فيها رفضه للقاسم الانتخابي على أساس المسجلين لمساسه بجوهر العملية الديمقراطية ولإضراره الكبير بالاختيار الديمقراطي، ورفضه أيضا لإلغاء العتبة الانتخابية لما سيترتب على ذلك من بلقنة للمجالس المنتخبة وتعريضها لصعوبة بناء تحالفات قوية ومنسجمة مما سيؤدي إلى تعطيل قضايا وحقوق المواطنين ومشاريع التنمية، وأن مواقف حزب العدالة والتنمية من الاستحقاقات المقبلة تندرج من منطلق حرصه أساسا على الحفاظ والدفاع عن ثوابت الأمة، ومواصلته النضال والتدافع والترافع من أجل تكريس الإرادة الشعبية وتوطيد الاختيار الديمقراطي ببلادنا”، وجددت ” تأكيد مواقفها ومواقف المجلس الوطني للحزب من اعتماد القاسم الانتخابي على أساس قاعدة المقيدين في اللوائح الانتخابية، للاعتبارات السياسية والديمقراطية الآتية”.