شكل موضوع “المدارس العلمية العتيقة حصن حصين للهوية والدين”، محور ندوة علمية نظمت، أمس السبت، بشيشاوة، ورامت تسليط الضوء على هذه المدارس كرباطات علم وصلاح تشيع نمط الإسلام المغربي الوسطي والمعتدل، وتدافع عن المقدسات والثوابت .
كما هدفت هذه الندوة، التي تندرج في إطار الندوة العلمية السنوية التي ينظمها المجلس العلمي المحلي بشيشاوة، وتتناول موضوع” المدارس العلمية العتيقة ودورها في استتباب الأمن .. المدارس العلمية العتيقة بإقليم شيشاوة نموذجا”، إلى تكريس دور هذه المؤسسات كـ”ميراث حضاري للأمة المغربية، انتشر بمختلف مناطق المملكة ولقي دعما من السلطة والمجتمع على حد سواء، بدافع ديني عقدي صرف”.
وشكلت التظاهرة، التي تميزت، على الخصوص، بحضور عامل إقليم شيشاوة، بوعبيد الكراب، مناسبة لإبراز الجهود التي تبذلها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية للرقي بالطرائق البيداغوجية لهذا النمط من التعليم الديني، وتجهيزه بالعتاد اللوجستي حتى يثمر المرجو منه، من قبيل تخريج علماء مشهود لهم برسوخ القدم في العلوم الشرعية واللغة العربية، والمعارف العقلية والنقلية.
وقال رئيس المجلس العلمي المحلي لمراكش، محمد عز الدين المعيار الإدريسي، في كلمة بالمناسبة، إن “التعليم العتيق يمثل أحد مظاهر الحضارة والثقافة بالمغرب”، مشيرا إلى تمظهراته، التي تتمثل في الرباطات والزوايا، التي تجاوز إشعاعها المغرب ليصل إفريقيا، على وحه الخصوص.
وعدد السيد المعيار الإدريسي، في هذا الباب، مزايا التعليم العتيق، لاسيما في “الحفاظ على كتاب الله غضا طريا وعلى اللغة العربية سليمة نقية”، مضيفا أن جهة مراكش-آسفي، التي تزخر بمدارس عديدة للتعليم العتيق، لا تدخر وسعا في تنزيل نهج القطاع الوصي، وبما يحقق حرص أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، على الرقي بهذا النمط من التعليم الديني، إلى المستوى اللائق.
ونوه بـ”الحيوية والرؤية الواقعية الواعية التي يبديها المجلس العلمي المحلي بشيشاوة، وتواصله المستمر مع المواطنين، في نطاق اهتماماته وصلاحياته”. وقال رئيس المجلس العلمي المحلي بشيشاوة، عبد الحق الازهري، من جهته، إن المدارس العتيقة تعمل على تعزيز منظومة القيم وحماية الأمن الروحي، مضيفا أنها تدافع أيضا عن ثوابت المملكة، وتعمل على إشاعة نمط التدين المغربي ،الذي يتأسس على العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي والتصوف السني.
وأضاف السيد الأزهري، في كلمة بالمناسبة، أن مدارس التعليم العتيق لا تغفل أبعاد التزكية والسمو بالنفس والرقي بها في معارج الصلاح، لافتا إلى الزوايا والرباطات التي يضمها إقليم شيشاوة، و”تقف مرابطة على هذا الثغر”.
وسلطت باقي المداخلات الضوء على أهمية مدارس التعليم العتيق، والعناية الكبيرة التي توليها لحفظ القرآن الكريم، وللعلوم الشرعية، وللعلوم العقلية والنقلية الأخرى، وأدوراها في حفظ الأمن الروحي للمملكة، مع التشديد على محورية تلقين اللغات لطلبة التعليم العتيق، والعلوم الحقة، إضافة إلى تمكينهم من تكوين مهني ييسر قابلية التشغيل لديهم.
وتناولت الندوة، التي عرفت تكريم كل من سعد النحلي، فقيه المدرسة العلمية العتيقة بالزاوية النحلية، وحميد آيت الفقيه، فقيه المدرسة العلمية العتيقة بزاوية تيكدار، محاور تتعلق أساسا بـ”التعليم العتيق وأثره في ترسيخ الثوابت