دعا حزب الاستقلال إلى القيام بقراءة عميقة وواعية لما تشهده الفضاءات العمومية في المغرب من ظواهر وأشكال جديدة في التعبير والاحتجاج والترافع،التي أصبح يلجأ إليها الشباب لتوجيه رسائل عفوية أحيانا عن هشاشة الوضع الاجتماعي في البلاد.
وفي بيان صدر عقب اجتماع لجنته التنفيذية الثلاثاء، اعتبر حزب الاستقلال أن اللحظة المجتمعية تتطلب من مختلف الفاعلين والقوى الحية تتبع هذه الظواهر الشبابية بيقظة مواطناتية وحس عال من المسؤولية، من أجل انتشالها من الانهزامية المستشرية، ومواكبتها بالاحتضان والتأطير الملائم والمسؤول، والتعجيل بصياغة الاختيارات التنموية الكفيلة بضمان الكرامة والأمل في نفوس الشباب.
ودعت اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال الحكومة إلى التجاوب مع المطالب المشروعة للشباب المغربي، ومواجهة واستباق ما قد يطرأ من تجاوزات وتقليعات يائسة، من خلال التعجيل بتقديم عرض وطني متكامل خاص بالشباب، يوازن من جهة بين فعلية الحقوق والحريات المكفولة دستوريا لهذه الفئة الحيوية، وفرص الإدماج الاقتصادي والارتقاء الاجتماعي، وتحرير الطاقات والإبداعات، ومن جهة أخرى تنمية قدرات والتزامات المواطنة النشيطة والفاعلة في إطار الثوابت المغربية، واحترام المؤسسات، والالتزام بالقانون، مع إعادة الاعتبار لفعاليات الوساطة مع المجتمع، ولا سيما الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني، ودعم أدوارها بكيفية شفافة ومتكافئة بين جميع الفرقاء في التعبير والترافع عن هموم وانتظارات المواطنات والمواطنين، وتقديم خدمات القرب للساكنة.
وجددت اللجنة التنفيذية التأكيد على موقف الحزب الذي يدعو إلى تعاقد سياسي جديد عبر إقرار إصلاحات سياسية ومؤسساتية وديمقراطية متوافق حولها، تكون محورا لكل التعاقدات المجتمعية، ومدخلا حاسما لتثبيت الديمقراطية الحقة، باعتبارها المدخل الأساسي للمشروع التنموي الجديد.
واستعرضت اللجنة التنفيذية بعض أوجه أزمة السياسة في المغرب ومختلف الممارسات والسلوكات التي أصبحت تعرقل مسار التطور الديمقراطي، وتحد من فعالية البناء المؤسسي والدستوري، وتعمق من أزمة الثقة في المؤسسات المنتخبة وفي العمل السياسي.
معتبرا أنه رغم وجاهة التعديلات التي قدمها الحزب،وحسها الاجتماعي وتجاوبها مع انتظارات المواطنات والمواطنين، فإن الحكومة إمعانا منها في المكابرة والعناد التي ألفناها منها تعاملت معها بكل سلبية ورفضت غالبيتها، وبذلك يتأكد لنا بالملموس مواصلتها لهدر ما تبقى من زمن الإصلاح وتفويتها للفرص تلو الآخرى لتحسين المعيش اليومي للمواطنين، غير آبهة بهمومهم وانشغالاتهم وبصوت المعارضة واقتراحاتها، وغير مبالية بضغط الطلب الاجتماعي وارتفاع سقف المطالب ومنسوب الاحتقان.
ومن جهته،قال المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، انه توقف عند بعض ما يفرزه الوضع من أشكال جديدة للتعبير لا سيما في أوساط الشباب، مشيرا إلى أنها تأخذ للأسف أحيانا أبعادا تمس بالثوابت الوطنية، مما يقتضي وفق بلاغ للهيئة ذاتها،”التمعن المسؤول في أسباب هذه التمظهرات، والبحث الجدي في الصيغ المناسبة لاحتواء وتأطير المطالب والاحتجاجات وتحويلها إلى فعلٍ إيجابي ومُنظم، عوض تكريس الفراغ الذي لا يفسح المجال سوى أمام تنامي التعبير العفوي عن الرفض والغضب والقلق بشكل غير محسوب العواقب.
وأوضح حزب التقدم والاشتراكية، من جهته أنه ناضل دائما من أجل التغيير المنظم من داخل المؤسسات، وفي احترام تام للثوابت الوطنية ولمكانتها، وبتفاعلٍ إيجابي مع حركية المجتمع، وانخراطٍ مسؤول في النضال الجماهيري، داعيا في بلاغه إلى الانتباه إلى هذه التعبيرات، والتقاط ما يقتضيه الوضع من إعادةِ الاعتبار للفعل السياسي الجاد وللوسائط المجتمعية والمؤسساتية، بما يضمن تملك القدرة على احتضان الحركية الطبيعية والصحية للمجتمع واستيعاب مختلف تعبيراتها المشروعة، في ظل الإطار الدستوري والقانوني والمؤسساتي، وبأفق الإصلاح في كنف الاستقرار، وما تتطلبه اللحظة الوطنية أيضا من ضرورة الارتقاء بالأوضاع الاجتماعية لمختلف الفئات المحرومة بما يحرر على وجه الخصوص طاقات الشباب ويطلقها في اتجاهات إيجابية وبناءة.
وأكد المكتب السياسي للحزب على أن المغرب لن يستمد تفرده وقدرته على كسب رهانات الحاضر والمستقبل سوى عبر استكمال بناء الدولة القوية بديموقراطيتها ومؤسساتها ودينامية قواها الحية، وبتفاعلها الإيجابي مع تطلعات وانتظارات مختلف الشرائح المجتمعية.
وفي ذات السياق، جدد الحزب نداءه من أجل ضخ نفس ديموقراطي جديد في الحياة العامة، قوامه المُباشرة السريعة والناجعة لجيلٍ جديد من الإصلاحات التي تتطلبها المرحلة ويقتضيها التفعيل الإيجابي لمقتضيات الدستور، سواء في المجال السياسي والمؤسساتي، أو في الميادين التنموية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقيمية، وذلك في اتجاه تصفية الأجواء السياسية، وبناء الثقة، وإحداث الانفراج المطلوب، وفتح آفاق الأمل على صعيد كافة مفاصل الحياة العامة مؤسساتيا ومجتمعيا، لا سيما من خلال تحريك عجلة الاقتصاد الوطني وضمان التوزيع العادل للثروات الوطنية وتأمين شروط الكرامة بالنسبة لجميع المواطنات والمواطنين،وذلك وفق ما جاء في ذات البلاغ.
من جهة أخرى، عبر الحزب عن عزمه إلى جانب الفعاليات والقوى الديموقراطية الحية،استثمار استشاراته الواسعة لأجل الدفاع عن قانون جنائي وطني يعزز حماية الحريات، بمنظور شامل وجريء ومتوازن.