دراسة أصدرها المركز المغربي لتحليل السياسات حول الإدارة المغربية وعلاقتها بالمواطن بينت مدى “التوتر” الذي تعرفه هذه العلاقة. المركز في البداية أوضح طريقة اشتغاله وبالتالي هو يتحمل النتائج المتوصل إليها، ولكن حتى لو لم يكن التقرير بين أيدينا، فإن واقع الإدارة ينبئ عن حالها، ولهذا تتعزز مصداقية أي نقد يوجه للإدارة المغربية، التي تتعامل مع المواطن بطريقة الزبون لا بوصفه مواطنا عليه واجبات وله حقوق.
تختلف نسب الرضى وعدم الرضى وترتفع وتنخفض ولكنها تمثل رقما مهما، يصل إلى حوالي النصف في بعض الأحيان، وتناول التقرير قضايا القدرة على فهم الإجراءات وإمكانية تقديم شكوى والوقت المستغرق لتقديم الخدمة وتكاليف الخدمة وكفاءة أداء الموظفين وغيرها، والأساسي أن الرضى التام عن الخدمات في كل الخانات لم يتجاوز النصف أي 50 في المائة بل في خانة واحدة فقط وصل إلى هذا المستوى.
انخفاض منسوب الثقة بين الإدارة والمواطن مرده إلى الركود الذي تعرفه، ورغم تحويل الوزارة الوصية على القطاع من وزارة الوظيفة العمومية إلى قطاع ملحق بوزارة الاقتصاد والمالية تحت مسمى “إصلاح الإدارة”، فإن هذا الإصلاح لم يتقدم خطوة إلى الأمام، ولا يستشكل علينا عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، ومن معه بأنه لم يكن يقود الحكومة لأنه كان مطلق اليد في هذه الوزارة، التي ظلت من نصيب حزبه سنوات طويلة.
الثقة خلق تتم معرفته بالسلوك الاجتماعي، فرغم أن الإدارة تزعم التخليق منذ سنوات طويلة ورغم أنها تقول إن خدماتها تطورت، ولكن اصطدام المواطن اليومي بواقع مرير، مرتبط أحيانا بسلوك كثير من الموظفين ومرتبط أحيانا أخرى بالجو العام وفي بعض الأحيان بالقوانين المعرقلة لعمل الإدارة، مما يجعل علاقة المواطن بالإدارة متوترة للغاية لأن الثقة بين المواطن والإدارة لن تتم إلا بوجود سلاسة في الحصول على الوثائق التي يحتاجها المواطن.
ما معنى أن تتم عرقلة حصول مواطن على وثيقة هي من حقه؟ أحيانا يتم تأخير مصالح صغيرة لكن في أحيان كثيرة يتم عرقلة مصالح كبرى من قبيل استثمارات يمكن أن تنقذ أسرا وتشغل عددا مهما من المواطنين بمعنى أن مشروعا سينوب عن الدولة في توفير مناصب شغل لبعض المواطنين، يمكن عرقلته من خلال موظف بمزاج “خاسر”، يجد دعما من مسؤولين أكبر منه يشجعون على استمرار الفساد في الإدارة.
الفساد موجود في كل مكان ولا يخلو منه زمن من الأزمنة ولا موقع من المواقع، لكن محاربته هي التي تختلف وأحيانا ترى أنه لا توجد إرادة للقضاء عليه، ونحن في بلدنا نجد أكثر من مؤسسة خولها الدستور محاربة الفساد لكن في النهاية تكتفي بإصدار تقارير يتهرب منها المفسدون لأنها لا تصلهم ولا يمسسهم نارها، تقارير ينبغي أن تذهب بأصحابها إلى السجن يمكن أن يحتالوا عليها ويتولوا مناصب أخرى وخصوصا الانتدابية.