أصبحنا أمام أمرين لا ثالث لهما، إما اننا لا نفهم ما تريد الحكومة قوله، أو أن الحكومة لا تعرف ما تقول أو لا تقول الحقيقة بالمطلق.
الوزير الناطق الرسمي بالحكومة، ويوما واحدا بعد إعادة ترسيمه في مكانه، جاء ليقول كلاما غير مفهوم وغير واقعي مباشرة بعد انعقاد المجلس الحكومي. كنا تحدثنا عن السلوك والأسلوب وأنهما جوهر التغيير لكن الحكومة ما زالت مصرة على السير على نهجها القديم وممارسة الديماغوجية، التي لا تفيد أمام الواقع.
قال بايتاس “إن إجراءات الحكومة لمواجهة ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء أعطت نتائجها، وأدت إلى انخفاض الأسعار في مناسبات عديدة. وإن القطيع الوطني من المواشي عرف تراجعا مقارنة بالسنوات الماضية، مستحضرا مصادقة الحكومة على أربعة مشاريع مراسيم تهم اللحوم الحمراء. وأضاف أن هذه المراسيم تهدف إلى توفير العرض من اللحوم الحمراء وتخفيض أسعارها، مشيرا إلى أن هذه المراسيم تتعلق، على الخصوص، باستيراد جميع الأبقار والأغنام الأليفة، وإتاحة إمكانية استيراد اللحوم وفق دفاتر تحملات في إطار مساطر متعارف عليها”.
النتائج تظهر عمليا ولا تحتاج إلى من يبرزها للعلن، لأن الحكومة من خلال الناطق الرسمي باسمها تتحدث عن انعكاسها على الواقع، والسوق تقول عكس ما يقوله الوزير، فما زالت اللحوم الحمراء تعرف ارتفاعا في أسعارها، ولم تشهد أي انخفاض بشكل نهائي منذ شرعت في الصعود.
أما عن تراجع القطيع الوطني، فالحكومة هي من تتحمل مسؤوليته، لأنها قدمت أرقاما غير حقيقية عن واقع القطيع المؤهل للذبح خلال عيد الأضحى، وفي الوقت الذي كان الوزير المغادر، الذي رافع عزيز أخنوش مدة طويلة في الوزارة من كاتب عام إلى وزير للقطاع، يقول أسبوعين قبل العيد إن القطيع المؤهل للأضحية هو ثلاثة ملايين، والرقم ينقص عن الثلاثة ملايين بعدة آلاف، عاد مرة أخرى ليقول إنه القطيع المؤهل للذبح هو خمسة ملايين و800 ألف رأس، أي عدد الرؤوس المذبوحة السنة الماضية.
فالحكومة هي التي تسبب في اندحار القطيع الوطني عبر تقديم أرقام مغلوطة سمحت بعدم التفاعل مع مطالب إلغاء الأضحية، التي كانت ضرورية للحفاظ على الثروة الحيوانية.
تم نأتي إلى الاستيراد، الذي تعتبره الحكومة، المنقذ من ضلال الأسعار المرتفعة، لنتساءل عن سر هذه الفورة. أولا بلد صرف ملايير الدراهم على المغرب الأخضر ويستورد اللحوم ينبغي أن يحاسب فيه كل من كان مسؤولا عن الملف وعلى رأسهم أخنوش. ثانيا من يستفيد من الاستيراد؟ ومن هو اللوبي الذي يهيمن عليه؟
وثالثا وهو الأهم، أي نوع من اللحوم والأبقار يتم استيرادها؟ أي علف يتم تسمينها به؟ وهل ينسجم مع الوضع البيولوجي للمغاربة؟ أليس في ذلك تهديدا لصحة المغاربة؟ إذا كانت الحكومة غير معنية بصحة المواطنين فإن الجمعيات المدنية المعنية بالاستهلاك يلزمها التحقيق في الموضوع.
كارثة أن يكون المغرب الأخضر متسببا في غياب اللحوم الحمراء.