خلد المغرب، أمس الخميس، مثله مثل باقي دول العالم، اليوم العالمي للديمقراطية، وهو اليوم الذي تم تخصيصه للاحتفاء بهذا المفهوم من أجل التذكير والاستذكار وحث الدول غير الديمقراطية على الانخراط في هذا المسار. وقد اختار المغرب الديمقراطية نهجا للحكم منذ الاستقلال، وكافح من أجل ترسيخها، وكان هناك تدافع بالمناكب بين أطراف العملية الديمقراطية، الدولة والأحزاب والمجتمع، وتواضع الجميع على هذا الخيار الذي جعل منه جلالة الملك في افتتاح الدورة البرلمانية السنة الماضية ثابتا.
قبل يوم من الاحتفال بهذا اليوم، عرف المغرب حدثا مهما، فرغم طابعه العملاني يحمل دلالات رمزية كبيرة، مؤكدة على مدى انخراط المغرب في مسار الديمقراطية، التي لا يمكن فصلها نهائيا عن حقوق الإنسان، ويتعلق الأمر بتوقيع اتفاقية بين عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وأمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تقضي بتدريب عناصر الشرطة على حقوق الإنسان.
رغم أن معاهد ومدارس تخريج أفواج رجال ونساء الشرطة تقدم فصولا في احترام حقوق الإنسان، أثناء التكوين قبيل التخرج، ولكن هذا التدريب سيكون له مفعول آخر، حيث سيشرف عليه المجلس الذي تكون في بدايته من أغلبية لها ماضٍ في سنوات الرصاص، أي إن أغلبهم معتقلون سياسيون سابقون، وأول رئيس له معتقل سياسي سابق.
دلالة ذلك أن المغرب قطع مع مرحلة وانطلق في مرحلة جديدة، وأن البلاد مكون واحد، هدف الجميع فيها ترسيخ الديمقراطية وحقوق الإنسان والدفاع عنها، بل إن أهم عنصر في إنفاذ القوانين، التي ينبغي أن تسري على الجميع، ألا وهو رجل الشرطة، ينبغي أن يتوفر على التكوين اللازم والتدريبات الضرورية في مجال احترام حقوق الإنسان أثناء ممارسته لمهامه، التي يمكن اعتبارها المهام التي تقع على تخوم حقوق الإنسان احتراما وخرقا.
وتفاديا لكل ما من شأنه أن يكون عائقا في وجه تطور بلادنا، فإن العناصر المكلفة بالأمن وإنفاذ القانون هي الأولى التي ينبغي أن تلتزم بحقوق الإنسان واحترام قواعدها، وسبق للمفوض الأممي المكلف بحقوق الإنسان أن قال في تقرير عقب زيارته للمغرب إن التعذيب لم يعد موجودا في المغرب، كسياسة ممنهجة وإن وجدت بضع حالات تم التعامل بصرامة مع مرتكبيها.
منذ تولي عبد اللطيف حموشي للمسؤولية في المديرية العامة للأمن الوطني عمل على تأهيل عنصر الشرطة، أولا من خلال التكوين والتدريب على مبادئ حقوق الإنسان، وثانيا من خلال تحسين الوضع المادي، الذي يكون في بعض الأحيان عاملا ودافعا للخروقات التي يرتكبها رجل الأمن، وبالتالي نزع أي مسبب للظاهرة، من خلال الرفع من أجور العاملين بسلك الشرطة، بكافة مستوياتها وتسوية موضوع الترقيات وجعله أوتوماتيكيا، وبالتالي كان المسار متوازيا بشكل مكّن من خدمة حقوق الإنسان والالتزام بها.