المواقف المبدئية لا يمكن المزايدة فيها، ولا يمكن بتاتا ربطها بتدبير إكراهات الجغرافية السياسية، ولهذا النظر إلى علاقة المغرب والمغاربة كبيرا وصغيرا من ملكهم إلى آخر مواطن بالقضية الفلسطينية، يحتاج إلى التأني والتفكير العميق، فجلالة الملك محمد السادس هو رئيس لجنة القدس وما يقدمه المغرب للمقادسة لا يعد بثمن وهذا بشهادة نخبهم من مفكرين وجامعيين ورجال دين مسلمين ومسيحيين.
علاقة المغاربة بفلسطين أكبر من كل تاريخ، وإن كنا فقط نؤرخ لها بالمشاركة في المعركة الكبرى، معركة حطين بقيادة صلاح الدين الأيوبي، ونشدد هنا على أنه أيوبي من الأكراد. لكن القيمة الإنسانية هي الحاكم والمتصرف. ونشير أيضا إلى أن السلطان يعقوب المنصور لم يكن في مزاج هذا العسكري الأيوبي، ولكن لما وصلته رسالة تطلب دعما أرسل عشرات السفن، التي وصلت قبل غيرها.
قائد الجيوش المغاربة لمساندة ودعم صلاح الدين هو غانم الغماري من قبائل جبالة المغربية، وليس بومدين أبو شعيب الإشبيلي دفين تلمسان كما زعمت إحدى القنوات، رغم أنه أندلسي وتتلمذ على يد مولاي بوعزة (أبو يعزى)، وشارك مع الغماري جنود من السمارة استقر بعضهم هناك.
في رمضان الماضي بثت القناة الأولى روبورتاجا لمراسلها من فلسطين حول عائلة مقدسية جدها الأكبر من السمارة ذهب إلى أرض فلسطين رفقة جيوش المغاربة إلى صلاح الدين واستقر به المقام هناك وما زالت عائلته محافظة على بعض التقاليد المغربية خصوصا الرمضانية. وهي وثيقة أخرى من وثائق مغربية الصحراء لأن كل الصحراويين ذهبوا في جيش غانم الغماري.
واستمر التوجه لدعم فلسطين لا ينقطع، وحتى في الظروف الصعبة، التي كان يعيشها المغاربة، لم يتخلوا عن فلسطين، ففي الوقت الذي كان المغاربة يقاومون الاستعمار قرر عبد الكريم الخطابي من مكتبه بالقاهرة بعث فدائيين لمواجهة عصابات الصهاينة عام النكبة.
وعام 1973 وفيما يسمى يوم العبور، أرسل المغرب فيلقا بقيادة قائد عسكري برتبة جنرال للممشارة في الحرب، وما زالت قبور شهداء الجيش المغربي شاهدة على ذلك ودليل على امتزاج الدم المغربي بالدم السوري والفلسطيني.
وبعيدا عن المشاركات الجماعية ظلت فلسطين هي المزاج العام للمغاربة، دولة وشعبا، وساهم كثير من المغاربة مع الفدائيين، منهم شهداء ومنهم مجهولو المصير ويكفي أن ناديال البرادلي أشهر معتقلة مغربية في سجون إسرائيل كانت تقوم بواجبها الفدائي وكانت تنتمي لحركة فتح بقيادة الشهيد الرئيس ياسر عرفات.
عرفات الذي لما جاء إلى المغرب بعد تولي الملك محمد السادس العرش قبل رأس ملكنا. والفلسطيني معروف بأنفته. هذا دليل على أن ما يقدمه المغرب للقضية الفلسطينية ليس جمل إنشائية في الإعلام ولكنه حقيقة واقعية على الأرض. هو مدارس ومستشفيات ودعم متواصل عن طريق بيت مال القدس وهو دعم في المنتديات الدولية.