دخل المغرب مرحلة المواجهة الدبلوماسية مع الجارة الشمالية، والتصدي للمغالطات والتصريحات المهاجمة لوحدته الترابية ومصالحه الإستراتيجية، بالإعلان عن نهج دبلوماسي جديد، يحمل في طياته الوضوح والشفافية والواقعية في الخطاب و الممارسة، والعمل على مواجهة أي تحركات تضر بمصالح المغرب الإستراتيجية، الأمر الذي دفع سفيرة المغرب في مدريد كريمة بنيعيش، للخروج مرة أخرى للتعبير عن استنكارها “للتصريحات غير الملائمة” و”الوقائع المغلوطة” التي قدمتها وزيرة الشؤون الخارجية الإسبانية، حيث أكدت بنيعيش أن وزيرة الشؤون الخارجية الإسبانية أدلت مؤخرا بتصريحات للصحافة وللبرلمان “واصلت فيها تقديم وقائع مغلوطة، وإصدار تعليقات غير ملائمة”، مضيفة أنه “لا يمكن إلا أن نعبر عن الأسف للطابع البئيس وللانفعال والعصبية التي رافقت هذه التصريحات”.
وأبرزت الدبلوماسية المغربية، في تصريح للصحافة، أن الأزمة الحالية “كشفت الدوافع الخفية ومخططات بعض الأوساط الإسبانية، التي ما زالت تلح على الرغبة في الإضرار بالمصالح العليا للمملكة منذ استرجاع الصحراء المغربية سنة 1975″، وقالت ” يحق لنا، بالتالي، التساؤل عما إذا كانت هذه التصريحات الأخيرة خطأ شخصيا للسيدة الوزيرة، أو أنها تعكس النوايا الحقيقية لبعض الأوساط الإسبانية المعادية للوحدة الترابية للمملكة، القضية المقدسة للشعب المغربي ولكل القوى الحية للأمة.
وأكدت بنيعيش أن “الاحترام المتبادل والثقة بين البلدين، اللذين تحدث عنهما السيد رئيس الحكومة الإسبانية، أضحيا ، للاسف، موضع شك حاليا”، موضحة أن “المغرب أخذ علما بذلك، وسيتصرف بناء عليه”.
من جهتها أمام التصعيد في العلاقات ، اتهمت كارمن كالفو النائبة الأولى لرئيس الحكومة الإسبانية، اليوم الجمعة، المغرب بتخطي حدود حسن الجوار، مجددة الدفاع عن استقبال إسبانيا لزعيم جبهة البوليساريو الانفصالية، واعتبرت المسؤولة الإسبانية أن المغرب سمح بالهجوم على الحدود الإسبانية، واصفة ذلك بـ”الاعتداء الذي لا يمكن الموافقة عليه”، رغم الاحترام الكبير الذي تكنه إسبانيا للمغرب.
ويأتي تصريح نائبة رئيس الحكومة الإسبانية، غداة استنكار السفيرة المغربية بمدريد كريمة بنيعيش للتصريحات “غير الملائمة”، و”الوقائع المغلوطة” التي قدمتها وزيرة الخارجية الإسبانية، مضيفة “لا يمكن إلا أن نعبر عن الأسف للطابع البئيس وللانفعال والعصبية التي رافقت هذه التصريحات”.
واعتبرت المسؤولة الإسبانية أن للمغرب أن يفسر استقبال زعيم البوليساريو كيف شاء، فإسبانيا تتخذ قرارات متأصلة في سياستها فهي دولة ذات سيادة، ولها علاقة مع المنطقة المغاربية بأسرها، وبخصوص إبراهيم غالي، أكدت نائبة رئيس الحكومة الإسبانية أنه لا يزال يرقد في المستشفى، ويتعين عليه المثول أمام المحكمة في فاتح يونيو، مشيرة إلى أن الحكومة لا تتدخل في القضاء، فهو سلطة مستقلة.
وشددت المسؤولة الإسبانية إلى التأكيد على أن المغرب بلد صديق وجار، تشترك معه إسبانيا في الكثير من التاريخ، وستعمل الحكومة على الحفاظ على حسن الجوار، لكون إسبانيا بلد يحترم المغرب للغاية، ويطلب من المغرب نفس الشيء.
وعقد رئيس الحكومة، الخميس بالرباط، لقاء مع الأمناء العامين للأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان خصص للتداول حول تطورات الأزمة السياسية بين المغرب وإسبانيا، قدم خلاله وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج السيد ناصر بوريطة عرضا حول آخر التطورات التي عرفتها الأزمة منذ الاجتماع الأول المنعقد بتاريخ 8 مارس 2021.
وأوضحت رئاسة الحكومة، أن” اللقاء شكل مناسبة لتأكيد وقوف الأحزاب السياسية وراء جلالة الملك محمد السادس ، حفظه الله، من أجل الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة ومصالحها العليا، و أن المجتمعين عبروا عن الدعم المستمر والمتواصل للمواقف والإجراءات المتخذة في هذا الإطار، معتبرين أن “جوهر الأزمة السياسية مع إسبانيا يتعلق بقضية الصحراء المغربية التي تهم كل المغاربة بمختلف مشاربهم السياسية والاجتماعية”.
وندد المجتمعين بالمحاولات التي كانت ترمي إلى تحويل النقاش حول الأسباب الحقيقية للأزمة والمتمثلة في استقبال المدعو إبراهيم غالي بإسبانيا بوثائق مزورة وهوية منتحلة، وهو المتابع بجرائم ضد الإنسانية والإرهاب وجرائم أخرى لدى محاكم إسبانية ومن طرف مواطنين إسبان، واعتبروا أيضا أن المواقف الإسبانية خلال هذه الأزمة أدت إلى زعزعة الثقة وأخلت بالاحترام المتبادل، “ذلك أنها مواقف تستهدف النيل من قضيتنا الوطنية التي تحظى بالأولوية والإجماع الوطني لدى المغاربة”.
وسجل الحاضرون أنه “في الوقت الذي تشهد فيه قضية وحدتنا الترابية زخما إيجابيا من الدعم السياسي على المستوى الدولي، فإن هناك رغبة من إسبانيا في افتعال المشاكل ومعاكسة جهود المغرب في ترسيخ وحدته الترابية، ومحاولة الضغط عليه في تصرف نشاز من احدى الدول الصديقة التي تربطها بالمغرب شراكات استراتيجية واقتصادية مهمة”.
و جدد الحاضرون التمسك بالإجماع الوطني وراء جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، من أجل الدفاع عن المكتسبات التي حققها المغرب، والوقوف في وجه كل المؤامرات التي تحاك ضد الوحدة الترابية للمملكة.
وكانت السفيرة المغربية قد أشارت في تصريحها أمس إلى أن الأزمة الحالية مع إسبانيا “كشفت الدوافع الخفية ومخططات بعض الأوساط الإسبانية، التي ما زالت تلح على الرغبة في الإضرار بالمصالح العليا للمملكة منذ استرجاع الصحراء المغربية سنة 1975″، وهي “الأوساط المعادية للوحدة الترابية للمملكة المغربية؛ القضية المقدسة للشعب المغربي ولكل القوى الحية للأمة”.