تنطلق عمليات التلقيح ضد فيروس “كورونا” بالمغرب، على إثر توصل المملكة بجرعات من اللقاح البريطاني “أسترازينيكا” الهندي الصنع، حيث عبأت وزارة الصحة الأطر الطبية والتمريضية لمواكبة العملية، وتحديد أوائل المستفيدين من التلقيح من ضمن الصفوف الأمامية المواجهة للفيروس، من بين رجال الأمن والدرك الملكي والأطباء والممرضين ورجال ونساء التعليم، حيث حددت الوزارة أعمار معينة ما فوق 40 و 45 سنة للإستفادة من التلقيح و الفئات العمرية المسنة فيما فوق 75 للتلقيح ضد الفيروس.
وتوصل المغرب بأولى دفعات اللقاح البريطاني “أسترا-زينيكا ” الهندي الصنع من جمهورية الهند، حيث أوضحت الوزارة، في بلاغ ، أن المملكة ستتوصل بالدفعة الأولى من لقاح “سينوفارم “يوم الأربعاء 27 يناير 2021 من جمهورية الصين الشعبية، وأضافت أنه سيتم إعطاء الانطلاقة الرسمية لعملية التلقيح الوطنية خلال الأسبوع المقبل، مشيرة إلى أن هذه العملية، التي ستتم بصفة تدريجية، ستهم الفئات المستهدفة بدءا بالأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بمرض كوفيد -19 ومضاعفاته، وهم مهنيي الصحة البالغين من العمر 40 سنة فما فوق، والسلطات العمومية والقوات المسلحة الملكية وكذا نساء ورجال التعليم ابتداء من 45 سنة، بالإضافة إلى الأشخاص المسنين البالغين 75 سنة فما فوق.
وتابع المصدر ذاته، أن هذه العملية ستشمل أيضا ، في مرحلة أولية ، المناطق التي تعرف نسبا مرتفعة من حالات الإصابة بمرض كوفيد -19، ولفتت الوزارة إلى أنه يمكن للمواطنات والمواطنين والمقيمين الأجانب من الفئات المستهدفة التأكد أو الحصول على موعد اللقاح ومركز التلقيح عبر البوابة الإلكترونية “www.liqahcorona.ma” أو عبر رسالة إلى الرقم المجاني 1717 ، كما ستوفر كل المعلومات المتعلقة بالحملة الوطنية للتلقيح من خلال وصلات تحسيسية تلفزية وإذاعية وإلكترونية سيتم بثها على القنوات الوطنية التلفزية والإذاعية، وكذا في وسائل التواصل الاجتماعي للوزارة، بالإضافة إلى البوابة الإلكترونية www.liqahcorona.ma ..
وأكدت الوزارة على ضرورة الاستمرار والالتزام بالإجراءات والتدابير الاحترازية من وضع الكمامات واحترام التباعد الجسدي وقواعد النظافة العامة، وذلك طيلة عملية التلقيح الوطنية، وتجدر الإشارة إلى أن اللقاحين سالفي الذكر اللذين وقع عليهما الاختيار من طرف المملكة، قد تم تصنيعهما وفقا للمواصفات الدولية مع التأكيد على جودتهما وسلامتهما، وذكرت الوزارة أنه ” في إطار العناية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، التي مافتئ جلالته يحيط بها كافة مكونات الشعب المغربي، منذ ظهور الحالات الأولى لفيروس كورونا المستجد ببلادنا، وحرصا من جلالته على صحة وسلامة كافة المواطنات والمواطنين، أعطى جلالته تعليماته السامية لإطلاق عملية تلقيح وطنية واسعة النطاق والتحصين ضد مرض كوفيد-19 بهدف تحقيق مناعة جماعية تمكن من تقليص عدد الإصابات والوفيات الناتجة عن هذا الوباء “، وخلصت إلى أنه تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، اقتنت المملكة المغربية كمية من اللقاحات لفائدة 33 مليون نسمة (66 مليون جرعة من اللقاح”.
و أعلنت وزارة الصحة، أنها رخصت بشكل استعجالي للقاح” سينوفارم” ضد فيروس كورونا المستجد، لمطابقته بامتياز المواصفات والمعايير المعتمدة دوليا ولتوصيات منظمة الصحة العالمية ذات الصلة، وأوضحت الوزارة في بلاغ، أن اجتماع اللجنة الوطنية الاستشارية المكلفة بالبت في ملفات التراخيص الاستعجالية للقاحات المفترض استعمالها بالمغرب ضد فيروس كورونا المستجد (سارس كوف.2)، خلص بالإجماع إلى مطابقة لقاح “سينوفارم” الصيني بامتياز للمواصفات والمعايير المعتمدة دوليا وطبقا لتوصيات منظمة الصحة العالمية ذات الصلة.
وأكدت، أن اللقاح قد استوفى جميع الشروط المرتبطة بالجودة والفاعلية والسلامة، وخلوه من أية أضرار جانبية محتملة، مما يمكن مختبر “سينوفارم” الصيني، وفق المصدر ذاته، من الحصول على ترخيص بشكل استعجالي ستدوم مدة صلاحيته 12 شهرا، جاء ذلك، يضيف بلاغ الوزارة، بعد دراسة وافتحاص مجموع المعطيات العلمية والتقنية التي اشتملت على عملية التصنيع وطبيعة التحاليل المخبرية على المادة الأولية وعلى اللقاح نفسه، ثم البيانات ما قبل السريرية وكذلك نتائج الدراسات السريرية، مع تبيان ثبات وعدم تغير خصائص اللقاح وفقا لشروط تخزينه وتوزيعه واستعماله داخل مدة صلاحيته.
وأشارت الوزارة إلى أن اجتماع اللجنة الوطنية الاستشارية يندرج في إطار استكمال تقييم الملف التقني للقاح “سينوفارم” الصيني، الذي باشرته اللجنة خلال الأسابيع القليلة الماضية، واستنادا أيضا إلى المعطيات العلمية والتقنية التي تقدم بها المختبر الصيني للجنة الوطنية الاستشارية.
و يعد “أسترازينيكا” أول لقاح ن شرت نتائجه بالمجلات العلمية يوم 8 دجنبر 2020، وصادقت عليه مجلة “دي لانسيت” الطبية، مؤكدة في البيانات المنشورة أن اللقاح آمن وأن تأثيراته الجانبية نادرة جدا. ثم تبعتها “فايزر” بنشر دراساتها في مجلة طبية أمريكية في 10 دجنبر 2020، فشركة “موديرنا” في 30 دجنبر 2020.
وأظهرت الدراسات السريرية أن لقاح “أسترازينيكا” يتميز بدرجة عالية من الأمان بحيث لا يسبب سوى آثار جانبية خفيفة كصداع أو حرارة أو آلام واحمرار في موقع أخذ الحقنة.
و أظهرت التجارب السريرية للقاح “أسترازينيكا-أكسفورد” فعالية بلغ معدلها 70 في المائة. لكن أحد البروتوكولات، الذي تم اختباره من قبل المختبر البريطاني على مجموعة من المتطوعين، أظهر فعالية بنسبة 90 في المائة، بعد أن أعطي هؤلاء نصف جرعة في الحقنة الأولى عوض جرعة كاملة، وجرعة كاملة بعد أربعة أسابيع عوض جرعتين كاملتين في الحقنتين، وأكدت “أسترازينيكا” أن لقاحها يؤمن حماية بنسبة 100 في المائة من الأشكال الخطيرة التي يتخذها فيروس “كوفيد-19″، وهذه الفعالية مهمة جدا على اعتبار أنه حتى لو لم يحم التلقيح بعض الأشخاص من الإصابة بالمرض، إلا أنه يحميهم تماما من تطور الفيروس إلى حالات خطرة أو التسبب في الوفاة.
و يتطلب نقله وتخزينه درجات حرارة بين 2 و8 درجات مئوية، أي داخل ثلاجات عادية مثل باقي اللقاحات التي نستعملها منذ عقود، على عكس لقاحي “بايونتيك” و”فايزر” و”موديرنا” الأمريكيين اللذين يتطلبان درجات حرارة منخفضة للغاية تصل إلى 70 درجة تحت الصفر بالنسبة لـ”فايزر” و20 درجة تحت الصفر بالنسبة لـ”موديرنا”، وهذا ما يجعل من لقاح “أسترازينيكا” سهل التخزين والنقل والاستعمال في كل الظروف وبدون إمكانيات تخزين وتبريد ضخمة أو مكلفة، مثله مثل لقاح “سينوفارم” الصيني.
و ثمن لقاح مختبرات “أسترازينيكا” وجامعة “أكسفورد” بسيط، إذ يبلغ أقل من 3 دولارات للجرعة الواحدة مقارنة مع 20 دولارا لجرعة لقاح “فايزر”، وحوالي 30 دولارا لجرعة لقاح “مودرنا”، و18 دولار نظير لقاح “سبوتنيك” و16 دولار مقابل لقاح “جونسون” الأمريكي الذي لم يتم اعتماده بعد.
و أكدت مختبرات “أسترازينيكا” أن لقاحها قادر على مكافحة السلالة الجديدة من فيروس كورونا المستجد التي تم اكتشافها في بريطانيا، وأنها قادرة على إنتاج لقاحات معدلة لمواجهة سلالات أخرى، إن اقتضى الأمر ذلك، في ظرف أسابيع قليلة.
و يستخدم لقاح “أسترازينيكا-أكسفورد” ما يعرف باسم “الناقل الفيروسي”، وهي طريقة تستعمل فيروسات أخرى معدلة (هنا فيروس الغدي المنتشر بين القرود، تم تعديله)، يتم تحميلها بأجزاء من فيروس كورونا لإيصالها إلى خلايا جسم الانسان لتحفيز المناعة، وقد استعملت هذه التقنية من قبل في إنتاج لقاح ضد فيروس “إيبولا” بهدف إنتاج لقاحات بسرعة كبيرة تفوق الطرق التقليدية لإنتاج اللقاحات، والتي تتطلب إنتاج الفيروسات داخل المختبرات وإضعافها أو إماتتها قبل استعمالها مما يأخذ وقتا طويلا.
وكانت قد استعملت نفس التقنية خلال التجارب الرامية إلى إنتاج لقاح للتصدي لفيروسي “سارس” سنة 2002 و”ميرس” سنة 2012 قبل أن تتوقف الأبحاث بسبب توقف الوباءين.
و أعلنت “أسترازينيكا” أنها قادرة على إنتاج حوالي ثلاثة ملايير جرعات من لقاحها عبر العالم في سنة 2021. وفي المقابل، تهدف “فايزر” إلى إنتاج 1,3 مليار جرعة لعام 2021، فيما تخطط “موديرنا” لإنتاج ما بين 500 مليون ومليار جرعة، وبالتالي فهو اللقاح الذي سيتم التطعيم بواسطته أكبر عدد من سكان العالم سنة 2021 سواء عن طريق الاقتناء المباشر من طرف الدول أو عبر دعم مبادرة “كوفاكس” الدولية، بتنسيق من منظمة الصحة العالمية، لتأمين تلقيح عادل بين البلدان يعطي الأسبقية للفئات الأكثر عرضة للفيروس كالمهنيين الصحيين، وللفئات الأكثر هشاشة كالمسنين وذوي الأمراض المزمنة.