في خطوة استراتيجية لتعزيز مكانة المغرب في سباق الذكاء الاصطناعي، كشفت وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، أمل الفلاح السغروشني، عن ملامح خطة وطنية طموحة لتقنين وتوجيه استخدامات الذكاء الاصطناعي، مؤكدة أن “زمن المشاهدة من بعيد قد ولّى”، وأن هذه الثورة التكنولوجية تمثل “رافعة حقيقية للتنمية الاجتماعية والإدارية”، شريطة إدارتها في إطار حوكمة صارمة وشفافة.
وجاءت تصريحات السغروشني خلال مشاركتها في ندوة بعنوان “الذكاء الاصطناعي وحكامة استعماله: تعزيز الرقابة الثانية”، ضمن فعاليات اليوم الثاني للدورة الثالثة من منتدى مراكش البرلماني الاقتصادي للمنطقة الأورومتوسطية والخليج، التي احتضنتها المدينة الحمراء يومي 23 و24 ماي الجاري. وأكدت الوزيرة أن التشريع المغربي في مجال التحول الرقمي “حقق تقدماً ملموساً”، لكنه ما زال يفتقر إلى إطار قانوني خاص بالذكاء الاصطناعي، يحدد المسؤوليات ويضع ضوابط شفافة للخوارزميات، بما يضمن المساءلة والرقابة الفعالة.
وأعلنت السغروشني عن انطلاق العمل على إعداد مشروع قانون إطار خاص بالذكاء الاصطناعي، بشراكة مع الجامعات ومراكز البحث وخبراء التكنولوجيا، ليكون بمثابة أول لبنة لتأطير الاستخدام المسؤول لهذه التكنولوجيا. كما كشفت عن مشروع إحداث مركز وطني متخصص في الذكاء الاصطناعي، تابع لوزارة الانتقال الرقمي، سيكون مكلفاً بمراقبة التطورات التكنولوجية ومواكبة متطلبات التأقلم السريع معها، فضلاً عن تطوير أدوات عملية للتنظيم والتقنين.
في خطوة لافتة، دعت الوزيرة إلى إدماج الذكاء الاصطناعي في العمل البرلماني لتعزيز الأداء المؤسساتي والشفافية، مشيرة إلى أن الخوارزميات الذكية قادرة على تسريع إعداد التقارير وتحليل البيانات ومراقبة الاختلالات، مع ضمان حماية المعطيات الشخصية ومنع أي استخدام تعسفي أو غير مشروع.
وأكدت السغروشني أن المغرب لا يمكنه العمل بمعزل عن العالم، داعية إلى تعزيز التعاون الدولي وتوحيد المعايير في مجالات الشفافية، وأمن البيانات، والمساءلة القانونية. وكشفت عن إطلاق “المبادرة الوطنية للذكاء الاصطناعي” سنة 2027، التي ستشكل محطة كبرى لتجميع جهود المغرب في هذا المجال، سواء على المستوى التشريعي أو المؤسساتي أو التقني.
منتدى مراكش البرلماني، المنعقد تحت شعار “تحديات اقتصادية وتجارية وطاقية غير مسبوقة – استجابة البرلمانات الإقليمية والقطاع الخاص”، شكل فرصة لمناقشة أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، مع تركيز خاص على الذكاء الاصطناعي ودور البرلمانات في ضبط تطوراته. ويُنتظر أن تساهم هذه المبادرة المغربية في جعل المملكة فاعلاً مؤثراً في صناعة الذكاء الاصطناعي، ومنتجاً للتكنولوجيا، لا مستهلكاً لها فقط.