تتواصل فصول القضية المثيرة التي هزّت الرأي العام المغربي، المعروفة إعلامياً باسم “إسكوبار الصحراء”، حيث مثل سعيد الناصري، القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة والرئيس السابق لنادي الوداد الرياضي، من جديد أمام غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، يوم الجمعة 23 ماي 2025.
في جلسة امتدت لساعات، واجه الناصري تصريحات مثيرة وردت على لسان الحاج بن براهيم، الملقب بـ”المالي”، والذي أفاد أمام الضابطة القضائية بأنه سلّم مبالغ مالية ضخمة داخل كيس بلاستيكي للناصري، بحضور الفنانة المغربية لطيفة رأفت، الزوجة السابقة للحاج بن براهيم. هذه الأخيرة لم تغب عن المشهد، حيث استعرضت المحكمة أقوالها التي أدلت بها أمام الفرقة الوطنية، والتي أكدت فيها أنها كانت حاضرة أثناء تسليم المبلغ، وذكرت واقعة استثنائية: عرض زوجها السابق عليها مجموعة من خواتم الزواج المختارة من طرف الناصري، وهو عرض رفضته جملةً وتفصيلاً.
سعيد الناصري لم يتأخر في الرد، مشككاً في صحة هذه الأقوال، ومعتبراً أن الفنانة تناقضت بين ما صرحت به لدى الشرطة وبين ما قالته أمام قاضي التحقيق والصحافة. وقال في قاعة المحكمة بصوت واضح: “هناك لطيفة عند الشرطة، ولطيفة عند قاضي التحقيق، ولطيفة عند الصحافة… وأنا أطلب حضورها للمحكمة لمواجهتها، شكون نتيقو؟”.
الناصري لم يكتفِ بالتشكيك، بل اتهم صراحة الحاج بن براهيم وطليقته بـ”فبركة الوقائع وتضليل العدالة”، مطالباً بمواجهتهما القضائية لكشف ما أسماه “التناقضات الفاضحة” في رواياتهما.
القضية لا تقف عند حدود الناصري، إذ يواجه إلى جانبه عبد النبي بعيوي، الرئيس السابق لمجلس جهة الشرق، وعدد من المتهمين الآخرين – 28 شخصاً في حالة اعتقال، واثنين في حالة سراح – تهمًا ثقيلة تتراوح بين الاتجار الدولي في المخدرات، وتبييض الأموال، وتزوير الوثائق، واستغلال النفوذ، إلى جانب جنح اقتصادية متعلقة بالتصرف في العملات الأجنبية دون تصريح قانوني.
وتتنوع التهم الموجهة للناصري بين محاولات تصدير المخدرات والمشاركة في اتفاقات تهريبها، مرورا بتزوير شيكات، واستعمالها، وصولاً إلى الضغط على الشهود للإدلاء بتصريحات كاذبة، فضلاً عن مخالفات جمركية وقانونية مرتبطة بالعملات الأجنبية.
أما بعيوي، فقد وُجهت له تهم ثقيلة لا تقل خطورة، من بينها التزوير في محررات رسمية، والارتشاء، والتصرف في وثائق تحت الإكراه، وتسهيل دخول وخروج مغاربة في إطار عصابة منظمة، بالإضافة إلى التورط في شبكات للاتجار الدولي بالمخدرات.
في انتظار ما ستسفر عنه الجلسات المقبلة، تبقى قضية “إسكوبار الصحراء” واحدة من أكثر القضايا حساسية في المشهد القضائي المغربي، بالنظر إلى عدد المتورطين وثقل الأسماء المعنية، والتهم المتعددة التي تثير تساؤلات عن حجم الشبكات التي كانت تنشط في الظل.