كشف تقرير رسمي صادر عن إدارة الأمن القومي الإسبانية أن موريتانيا أصبحت، لأول مرة، المنفذ الرئيسي للمهاجرين غير النظاميين المتجهين نحو السواحل الإسبانية في سنة 2024، متجاوزة بذلك كلاً من المغرب والجزائر اللذين كانا تقليدياً يمثلان النقطتين الرئيسيتين لانطلاق الهجرة عبر غرب البحر الأبيض المتوسط.
ووفق التقرير الصادر أمس الخميس، والذي يستند إلى بيانات وزارة الداخلية الإسبانية، بلغ عدد المهاجرين المنطلقين من السواحل الموريتانية نحو إسبانيا 25.081 مهاجراً، أي ما يعادل مجموع القادمين من المغرب (13.217) والجزائر (12.038)، وهي أرقام وصفها التقرير بـ”غير المسبوقة” في التحول الجغرافي لتدفقات الهجرة غير النظامية.
ارتفاع قياسي في عدد الوافدين
سجلت سنة 2024 رقماً قياسياً في عدد الوافدين غير النظاميين عبر البحر إلى إسبانيا، بـ61.372 مهاجراً، أي بزيادة قدرها 10.3% مقارنة بسنة 2023. وبلغ عدد الواصلين إلى جزر الكناري وحدها 46.843 مهاجراً (+17.4%)، بينما تضاعف عدد الواصلين إلى جزر البليار بأكثر من 158% مقارنة بالعام السابق.
تغيير في الطرق التقليدية للهجرة
أرجع التقرير هذا التحول إلى إغلاق جزئي لمسارات الهجرة من ليبيا وتونس، ما أدى إلى تحويل أنظار شبكات الهجرة إلى الطريق الأطلسي عبر موريتانيا والسنغال وغامبيا، باعتبارها مسارات بديلة أقل خطورة نسبياً من طرق وسط المتوسط.
السياق الأمني في الساحل يعزز الضغوط
أشار التقرير إلى أن الوضع الأمني الهش في منطقة الساحل، خصوصاً في مالي المجاورة لموريتانيا، يساهم في ارتفاع الضغوط الهجرية، خاصة مع استمرار الوجود الروسي المتزايد والتوترات المسلحة، وهو ما يجعل موريتانيا منطقة عبور رئيسية، كما أنها تستضيف حالياً عدداً كبيراً من اللاجئين الماليين.
جهود موريتانيا والمغرب والجزائر
أكد التقرير أن موريتانيا بدأت باتخاذ إجراءات لمراقبة حدودها ومحاولة تقليص تدفقات الهجرة، لكن النتائج المنتظرة تبقى بعيدة المدى. في المقابل، انخفضت أعداد المهاجرين من المغرب والجزائر بفعل تشديد المراقبة الحدودية وتعاون أمني مكثف مع مدريد، إلا أن طريق غرب المتوسط لا يزال نشطاً.
تغيّر في تركيبة المهاجرين
سجّل التقرير أيضاً تحولاً في التركيبة السكانية للمهاجرين، حيث أصبح القادمون من إفريقيا جنوب الصحراء يمثلون 72% من مجموع المهاجرين، مقابل 62% سنة 2023، في حين تراجعت نسبة المغاربة والجزائريين الذين شكلوا تقليدياً غالبية المهاجرين.
أبرز الجنسيات الوافدة إلى إسبانيا:
-
الماليون: 15.261
-
السنغاليون: 11.824
-
الجزائريون: 9.552
-
المغاربة: 6.945
كما أشار التقرير إلى أن طلبات الحماية الدولية من المهاجرين القادمين من منطقة الساحل في تزايد مستمر، ما يؤشر إلى تغير في طبيعة الهجرة نحو أوروبا، من اقتصادية إلى أكثر تعقيداً بفعل الأزمات الأمنية والسياسية في بلدان المنشأ.