أكد رئيس الجمعية المغربية للمنظريين، محمد أمزيان، أن المهندس المنظري (Paysagiste) يضطلع بدور أساسي في تخطيط وتهيئة الفضاءات العامة وتعزيز مرونة المجالات الترابية للتخفيف من آثارا التغيرات المناخية.
وقال أمزيان، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء ولقناتها الإخبارية M24، إن دور المهندس المنظري مهم جدا في تأهيل المجال الترابي نظرا لتدخله على عدة مستويات، بداية من مرحلة التخطيط المجالي الاستراتيجي، وذلك عن طريق مساهمته في إعداد مخططات اعداد التراب كتصاميم التهيئة والمخططات المديرية لإعداد التراب والميثاق المنظري والمعماري، ثم تنزيل هذه المخططات مع السهر على احترام المعايير التقنية، إلى جانب دوره في تخطيط وتصميم الفضاءات الخارجية لمشاريع التجزئات السكنية والإنعاش العقاري والسياحي، وغيرها.
وأوضح أن الأمر يتعلق أساسا بتهيئة الساحات العمومية والشوارع ومداخل المدن والحدائق والمنتزهات العامة وفضاءات اللعب والملاعب الرياضية غير المبنية والكورنيشات والمنتزهات الغابوية الحضرية وشبه الحضرية، وحماية وتثمين المواقع والمناظر الطبيعية ذات الأهمية، كالسواحل ومصبات الأنهار وضفافها والبحيرات والمناطق الرطبة، والكثبان الساحلية والمواقع الجيولوجية، وتهيئة المواقع الأثرية، والتعريف بالموروث الثقافي اللامادي من خلال المشاريع المنجزة، وإعادة تأهيل المواقع المتضررة، كالمطارح العمومية والمقالع وغيرها.
وشدد المتحدث على أن ما يميز عمل المهندس المنظري، الذي يتلقى تكوينه بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، عن باقي المهن الهندسية، هي الاستباقية في التخطيط لمرحلة ما بعد الإنجاز من خلال مخططات الصيانة واعتماد معايير الاستدامة في الفضاءات العمومية والمحافظة على الموارد، سواء تعلق الأمر بالمكون النباتي أو بالأثاث الحضري أو بالمسالك والممرات.
في مواجهة تحديات التغيرات المناخية التي أصبح واقعا نعيشه كل يوم، لاسيما الرفع من مرونة الفضاءات العامة للتخفيف من الانخفاض الحاد في كمية التساقطات المطرية والارتفاع المتزايد لدرجات الحرارة وتزايد حدة الظواهر المناخية المتطرفة، اعتبر المتحدث أن المغرب، بفضل الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، كان من أوائل الدول التي تبنت الاستدامة في نموذجها التنموي، مشيرا إلى أن المهندس المنظري يوجد في صلب هذا التوجه من خلال ممارسته اليومية لتهيئة الفضاء العام.
في هذا السياق، أبرز أن دور المهندس المنظري في ما يتعلق بمواجهة أزمة النقص الحاد في الموارد المائية، يكمن في ترشيد وعقلنة استعمال مياه سقي الفضاءات الخضراء بنسبة قد تصل إلى 90 في المائة، عبر اختيار الأنواع النباتية المتأقلمة مع المناخ المحلي وتحديد نوعية التربة، ثم من خلال إبداع تصاميم مبتكرة للفضاءات الخضراء تساعد على تعبئة مياه الأمطار لإعادة استعمالها في سقي المساحات الخضراء، او استعمال المياه المعالجة في السقي.
وبخصوص الحد من ارتفاع درجة الحرارة الذي يعتبر “إشكالية كبيرة”، أوضح السيد أمزيان أن هذه الظاهرة تتفاقم في المدن بسبب تواجد بؤر الاحترار (Les îlots de chaleur urbains) الناجمة عن المباني وإسفلت الطرقات والتي تزيد من درجة لتبلغ أحيانا 60 درجة مئوية، مشيرا الى أن تدخل المهندس المنظري يكون حاسما هنا من خلال سياسة التشجير