أصيب النظام العسكري الحاكم في الجزائر بالسعار بعد أن قرر عدد من القادة العرب عدم الحضور لأسباب كثيرة، وعلى رأسهم جلالة الملك محمد السادس، الذي قاطعها لأسباب إقليمية، وفق تعبير ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ومحمد بنسلمان، ولي عهد المملكة العربية السعودية ومحمد بن زايد، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة وملك البحرين عيسى بن حمد آل خليفة وسلطان عمان في حين غاب رئيس الجمهورية اللبنانية بنهاية ولايته، وفي غياب هؤلاء اشتد سعار النظام العسكري الذي دفع واجهته المدنية لتهجي خطاب مليء بالمغالطات.
وتعبيرا عن حقدهم الدفين أن مذيع القناة الرسمية عندما كان يؤطر استقبال الوفود المشاركة، لما وصل الوفد المغربي أصيب المذيع بالخرس، لأن الوفد يمثل الدولة التي يعاديها منذ سنين طويلة، واوحوا إلى إعلامهم بالتشويش على الحضور المغربي من خلال التلاعب بمعطيات التاريخ والجغرافية ونشر الخريطة البئيسة التي لا تمثل القمة العربية ولا الجامعة المنظمة.
لم يفهم النظام العسكري الجزائري أنه مجرد مضيف للقادة ومستضيف للقمة، وأن هذا الموقع، الذي ناله دوريا، لا يمنحه حق التدخل في القرارات التي تصدر عن القمة ولا التحكم في جدول أعمالها، حيث فهم النظام العسكري أنه باستضافته للقمة عليه أن يتحكم في مساراتها.
وكانت أولى معاملاته السيئة للمغاربة هي التضييق على الوفد الإعلامي المغربي، حيث تم احتجازه لمدة ست ساعات في إحدى قاعات مطار الهواري بومدين وتم حجز معداته، مع العلم أن الجامعة العربية هي من ترخص للوفود الإعلامية، وزعمت الجزائر خلافا للأعراف الجاري بها العمل أنها هي من يحق له الترخيص للوفود الإعلامية، وادعت الجزائر أن غاية الوفد الإعلامي هي التجسس على محتضن القمة أي الجزائر، وبهذه الطريقة سبق لهم أن تعاملوا مع الوفد الإعلامي الذي ذهب لتغطية مباراة كرة القدم بين الوداد البيضاوي وشباب مولودية الجزائر برسم كأس إفريقيا للأمم، حيث تم احتجاز الوفد بزعم أنه جاء للتجسس.
وفي هذا السياق راسلت النقابة الوطنية للصحافة المغربية الجامعة العربية حول هذا الموضوع وحملت الجزائر مسؤولية ما تعرض له الوفد المغربي، وأصدر اتحاد الصحفيين العرب بيانا يدين فيه هذا السلوك الأخرق، وقال فيه إن السلطات الأمنية الجزائرية بالمطار، قررت تجريد أعضاء الوفد الإعلامي المغربي من صفتهم المهنية ومصادرة معدات العمل، خصوصاً أداء مهمتهم بالنقل عن طريق التلفزيون والتصوير، وسُمح لهم بدخول التراب الجزائري كسياح. وأشار الاتحاد إلى أن الوفد الإعلامي المغربي توجه بعد ذلك إلى المكان المخصص لمنح الاعتماد للصحفيين لتغطية أشغال القمة، حيث فوجئوا بوجود تعليمات أمنية تقضي برفض منح الإعتماد المطلوب لأي صحفي مغربي، فما كان من أعضاء الوفد المغربي إلا مغادرة التراب الجزائري فى أول رحلة عائدين إلى المغرب.
وأعلن الاتحاد العام للصحفيين العرب تضامنه الكامل مع مطالب نقابة الصحفيين بالمغرب، وإدانته للطريقة التى تم التعامل بها مع وفد صحفى من دولة شقيقة للجزائر، وهو ما أجبر الوفد على مغادرة الجزائر وعدم قيامهم بمهمتهم الصحفية فى تغطية القمة العربية.
مع كامل الأسف فإن القمة حملت شعار “لم شمل العرب” لكن الجزائر أرادت أن تدوس على جزء من جغرافية العرب وتاريخهم ألا وهو المغرب، وبتصرفاتها الرعناء تكون الجزائر قد أخلفت موعدها مع التاريخ.