في كرة القدم، كما في الحياة، لا تُمنح الفرص العظيمة مرتين. وعندما يقف نادٍ إفريقي مثل الوداد الرياضي أمام عمالقة بحجم مانشستر سيتي، فإن الحديث لا يكون فقط عن مباراة في افتتاح كأس العالم للأندية، بل عن امتحان عميق للهوية، للقدرة على تجاوز السقف المتوقع، ولإعادة رسم موقع الفريق في خريطة اللعبة.
التحاق عزيز كي بالنادي لم يكن بدافع الحلم الطفولي أو الولاء الأعمى، بل بدافع الحسابات الدقيقة: نادٍ كبير، بطولة عالمية، رافعة مهنية، وربما بوابة عبور لأضواء أوروبا.
في حديثه مع “RFI”، لم يخفِ دوافعه، ولم يغالِ في التجميل. قال الحقيقة كما هي: “الوداد يفتح الأبواب”.
هذا التصريح البسيط في كلماته، العميق في دلالاته، يضعنا أمام واقع معاصر لكرة القدم: لم يعد الانتماء للمؤسسة الكروية فعل عاطفة، بل مشروع عقلاني قابل للقياس والتوظيف.
في الطرف الآخر، يظهر البرازيلي فيريرا متأثرًا بزخم الانتماء الفوري، مندهشًا بجماهير الوداد، طامحًا لـ”مفاجأة” الخصوم.
ولكن المفاجأة في حد ذاتها ليست خطة. إنها رهان من لا يملك كل أوراق القوة، لكنها تظل مشروعة حين تصدر عن فريق يؤمن بأن في الهامش متسع للضوء.
الغيابات المؤثرة، مثل بوشتة والسومة، تضيف ثقلاً غير مرئي على كاهل الفريق. فحين تنقص الخيارات، تتسع الفجوة بين الرغبة والقدرة.
ومع ذلك، فإن القيمة الحقيقية لهذه البطولة لا تُقاس فقط بالنتائج، بل بكيفية اللعب، بمدى مقاومة الإغراءات النفسية للهزيمة قبل صافرة البداية.
الوداد يدخل هذه البطولة حاملاً حقيبة أحلام كبيرة، لكن البطولة لا تكافئ من يحلم فقط، بل من يجرؤ. أمام السيتي، لا يطلب من الوداد أن يكون نداً كاملاً، بل أن يترك أثرًا لا يُنسى.
أن يلعب كما لو أن التاريخ يتابع، لا الجمهور فقط. لأن لحظة كهذه قد لا تتكرر.