أسوأ ما يمكن أن تبتلى بها دولة من الدول مسؤولون لا يقدرون خطورة الكلمة لما تخرج من الفم، وأنه يمكن أن تكون لها انعكاسات سلبية، ناهيك عن تفاعلاتها على المستوى الاجتماعي، وأسوأ ما ابتلي به المغرب وزراء “على غير مرتبة”، بتعبير سيدي عبد الرحمن المجذوب، دائما يتسببون في الكوارث، ومثال ذلك ما قاله وزير النقل واللوجيستيك محمد عبد الجليل: الأموال التي ترسلها الجالية لا تدخل خزينة الدولة أن تحويلات الجالية يتم بها شراء المنازل و إعانة أسرهم.
كل مرة تتحفنا الحكومة بوزير يقول كلاما يشعل نارا تضطر الدولة لإخمادها، وما زلنا نتذكر وزير العدل الذي قال إن ابنه “باه لاباس عليه وقراه في كندا”، وما خلف من آثار مدمرة، وهو نفسه الذي قال لمسؤول محلي “كنعرف لون تقاشرك”، وغيرها من الأقوال التي ينبغي أن تدخل إلى التاريخ.
لكن كل وزير يتكلم يظهر أن حكومة “الكفاءات” لا تتوفر فيها كفاءة تفهم في الاجتماع البشري ولا تفهم في القوانين.
ما معنى أن يقول وزير إن أموال الجالية لا تدخل الخزينة العامة للدولة، وأنهم يبعثونها لأسرهم أو يشترون بها منازل؟ بأي طريقة يفهم الوزير الخزينة والميزانية؟ وهل أموال المغاربة بالداخل كلها تدخل خزينة الدولة أم أن هناك أموالا مخصوصة بالقانون هي ما يدخل خزينة الدولة؟
ونرى أحيانا تذكير الوزير بما يفترض أنه يعرفه باعتباره من المقدمات الأولى لممارسة الشأن العام، حيث إن الميزانية العامة تتكون من إيرادات ضريبية وأخرى غير ضريبية، وهذه الأخيرة فيها العادية والاستثنائية. ويحدد القانون مفهوم الإيرادات الضريبية، ويقسمها إلى مباشرة وغير مباشرة، ويحدد أيضا الإيرادات غير الضريبية ويقسمها إلى أرباح الشركات الحكومية وعائدات أسهم الدولة في شركات القطاع الخاص وواجبات الامتيازات والرخص، وتدخل فيها عائدات الخوصصة وغيرها.
أموال الجالية المغربية التي تدخل المغرب كيف تدخل إلى الخزينة العامة؟ طبعا لا يمكن أن يدخل المال كله، وإلا وجب أن يدخل كل مال المغاربة، لكن القوانين حددت جزءا مخصصا بواسطته يتم تمويل الخزينة العامة.
لا ندري هل يجهل الوزير أن أموال الجالية لا تدخل ليتم اكتنازها ولكن ليتم بها قضاء الأغراض، وسقط الوزير في الجهل المطبق عندما قال إنهم يشترون بها المنازل. قانونيا لما تشتري شقة تؤدي ضرائب متعددة كلها تدخل خزينة الدولة، وتؤدي مستحقات من أجل التحفيظ وهي تذهب أيضا لخزينة الدولة، ومن يعمد إلى البناء يؤدي الضرائب على كل آجورة يشتريها وكل كيس إسمنت وكل قطيب حديد ناهيك عن ضريبة المباني وغيرها.
الأموال التي يرسلها المهاجرون لعائلاتهم كلها تصرف في أمور تؤدى عنها الضرائب.
والأهم، الذي نسيه الوزير، أن ما تساهم به الجالية مهم جدا في تحصين رصيد المغرب من العملة الصعبة، الذي بواسطته يتم اقتناء حاجيات المغرب من الخارج.