أكد الباحث الأكاديمي بجامعة الحسن الثاني الدار البيضاء ، عتيق السعيد، أن انتخابات أعضاء مجلس المستشارين، التي تجري اليوم الثلاثاء، تشكل محطة مكملة لمسار توطيد وتقوية دعائم الصرح الديمقراطي بالمملكة.
واعتبر عتيق السعيد ،في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه الانتخابات آلية داعمة لسيرورة تجويد مخرجات الإنتاج التشريعي بمؤسسة البرلمان، بما يساير ويتماشى مع ما تعرفه المملكة، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، من دينامية تنموية شاملة ومتجددة برؤية مستديمة للإصلاح الذي يعكس دمقرطة وعصرنة مؤسساتها الوطنية.
كما تعد هذه الاستحقاقات، وفق المحلل السياسي، لبنة أساسية في مجال ترسيخ قيم ومبادئ المشاركة المواطنة وتعزيز أدوار الديمقراطية التشاركية في المسلسل الانتخابي من جهة، ومرتكزا أساسيا يؤكد النهج والالتزام الدائم بالتعددية السياسية التي تجسد وتعبر في ذات السياق عن حالة التعددية التي يعيشها المجتمع وجوهر الاختيار الديمقراطي من جهة أخرى.
وبالنسبة للباحث الأكاديمي، فإن انتخاب أعضاء مجلس المستشارين يعتبر عملية مهمة في التدبير السياسي بالمغرب، تنضاف إلى سلسلة مترابطة من آليات تعزيز الديمقراطية التمثيلية.
كما تبرهن هذه المحطة الانتخابية، بحسبه، على النضج المتكامل والوعي الكبير بأهمية الديمقراطية وسماتها وآليات تفعيلها في مختلف مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
لذلك، يؤكد عتيق السعيد، فإن هذا الاقتراع يساهم في تجديد النخب السياسية، بما يخدم قضايا المجتمع ومتطلباته في سياق مرحلة تؤطرها تصورات النموذج التنموي في صيغته الآنية و الاستباقية والذي يشكل قاعدة صلبة لانبثاق عقد اجتماعي جديد بالمغرب.
وعلى صعيد آخر، أشار السعيد إلى أن انتخابات الغرفة الثانية تأتي في سياق اجتماعي وسياسي محاط بالعديد من الرهانات الكبيرة والتطلعات غير المسبوقة التي تطبع هذه المرحلة، خاصة ما تشهده المملكة على غرار باقي دول العالم، من تداعيات الجائحة التي كشفت عن اختلالات بنيوية في عدد من القطاعات الاجتماعية، وعلى رأسها الصحة والتعليم، وكذلك آثارها على الاقتصاد غير المهيكل وعلى باقي القطاعات الحيوية التي تمس نمط عيش مختلف الطبقات الاجتماعية.
وبالتالي، يقول الباحث الأكاديمي،فإن مجلس المستشارين ستكون له القدرة على المساهمة بقوة الاقتراح وتقديم الحلول الناجعة والفعالة لعدد من النواقص والاختلالات الكبرى، على اعتبار أن ممثلي الغرف والمنظمات المهنية وكذا الجماعات الترابية، هم الفئات الأكثر قدرة على مواكبة القطاعات المتضررة .
ولم يفت السعيد التأكيد على أهمية هذا الاستحقاق في بعده التنموي، بالنظر إلى ضرورة مجابهة التحديات المطروحة التي تتطلب إصدار عدد من مشاريع القوانين في سياق المرحلة المقبلة، ذات الطابع الاستعجالي سواء تعلقت بالإطار الاجتماعي أو الاقتصادي، إضافة إلى التفكير في تبني تصورات دقيقة وواضحة قابلة للتنزيل الآني على أرض الواقع بغية تجاوز إكراهات المرحلة و الانتقال بها إلى سبل تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية.
كما توقف المتحدث عند المسار الإصلاحي الشامل، الذي يقوده صاحب الجلالة الملك محمد السادس، للمجال الاجتماعي والاقتصادي، مدعوما بإبتكار وتجديد سلسلة مترابطة من الأوراش التنموية المتعددة في مختلف المجالات.
وتابع أن هذه الأوراش لم تشكل نهضة تنموية مستدامة فحسب، بل أيضا درعا متينا ضد الأزمات والجوائح، عبر وضع هندسة اجتماعية تضامنية شاملة الرؤى تتوخى في جوهرها جعل المواطن ضمن الأولوية الكبرى في مسلسل الإصلاح، وهدفا أساسيا للنهوض بالعنصر البشري، والتي رسخ من خلالها جلالته مبادئ التضامن والتكافل والتآزر الاجتماعي .