لا يزال مصير ملتمس الرقابة، الذي أعلنت أحزاب المعارضة عزمها على رفعه ضد حكومة عزيز أخنوش، معلقاً، في ظل خلافات حادة بين مكوناتها حول الجهة التي ستتولى تقديم المذكرة الرسمية إلى رئاسة مجلس النواب، ما يعكس هشاشة التوافق داخل صفوف المعارضة رغم توفرها على العدد الكافي لتفعيل المسطرة دستورياً.
وكشفت مصادر مطلعة لـ«أشطاري» أن الجدل يتمحور حول رغبة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في أن يتولى أحد أعضائه وضع الملتمس لدى رئيس المجلس، وهو ما تتحفظ عليه باقي الأحزاب المعارضة، في مقدمتها حزب الحركة الشعبية، وحزب التقدم والاشتراكية، وحزب العدالة والتنمية، بدعوى أن الخطوة قد تُستغل لأغراض انتخابية أو رمزية، بالنظر إلى اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقررة في 2026.
ويصر الاتحاد الاشتراكي، الذي يتوفر على 33 نائباً، على أنه الحزب “الأقوى عددياً” داخل المعارضة، ما يمنحه ـ وفق تصور قيادته ـ “الأولوية السياسية” لقيادة هذه المبادرة البرلمانية التي تعد الأداة الأبرز لمساءلة الحكومة ومواجهتها داخل المؤسسة التشريعية، رغم صعوبة تحقيق شرط الإطاحة بها، نظراً لتوفرها على أغلبية مريحة.
وتنص المادة 105 من الدستور المغربي على أن تقديم ملتمس الرقابة يتطلب توقيع خُمس أعضاء مجلس النواب، أي 79 نائباً من أصل 395. ووفق المعطيات المتوفرة، فإن الاتحاد الاشتراكي (33 نائباً)، والحركة الشعبية (28 نائباً)، والتقدم والاشتراكية (21 نائباً)، والعدالة والتنمية (13 نائباً)، إضافة إلى أحزاب صغيرة أخرى، تجمع ما يفوق 95 نائباً، ما يجعل الملتمس قابلاً للتفعيل من الناحية العددية.
غير أن الخلاف لم يعد تقنياً أو عددياً، بل أصبح سياسياً ـ رمزياً، يتعلق بـ”من سيمسك القلم” ويقود المبادرة داخل البرلمان. فحسب النظام الداخلي لمجلس النواب، يُودع ملتمس الرقابة في شكل مذكرة مفصلة تتضمن التوقيعات، ويجب أن يقدمها عضو واحد، عادةً ما يكون منسق الكتلة النيابية أو رئيس الفريق البرلماني.
وفي هذا السياق، أفاد مصدر برلماني بأن الاتحاد الاشتراكي يعتبر أن قيادة المعارضة تفرض عليه القيام بهذه الخطوة الرمزية، فيما ترى أحزاب أخرى أن الأمر لا يحتمل “تخصيصاً سياسياً”، ويجب أن يتم باسم المعارضة ككل، دون محاولة أي طرف الظهور بمظهر “المبادر الأوحد”.
وكان من المرتقب أن يُودع ملتمس الرقابة لدى رئاسة المجلس هذا الأسبوع، غير أن سفر وفد برلماني مغربي يضم عدداً من نواب المعارضة إلى نواكشوط، برئاسة رشيد الطالبي العلمي، رئيس المجلس، أدى إلى تأجيل الخطوة، وسط ترقب لمآلات النقاش الداخلي بين أحزاب المعارضة، ومدى قدرتها على تجاوز الحسابات السياسية الضيقة.
وتشير التقديرات إلى أن فرص إسقاط الحكومة شبه منعدمة، في ظل امتلاك الأغلبية الثلاثية (الأحرار، الأصالة والمعاصرة، الاستقلال) لأكثر من ثلثي المقاعد، ما يجعل من ملتمس الرقابة أداة رمزية بالدرجة الأولى، تروم إحراج الحكومة إعلامياً وسياسياً، واستعراض المعارضة لقوتها المؤسساتية في سياق التحضير للمنافسة الانتخابية المقبلة.