رغم مرور أزيد من ست سنوات على دخول القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات حيز التنفيذ، لا تزال الممارسة الفعلية لهذا الحق تعاني من اختلالات بنيوية وإدارية تُفرغه في كثير من الحالات من مضمونه، وفق ما كشفه تقرير حديث أصدرته جمعية “سمسم – مشاركة مواطنة” بشراكة مع جمعية “رواد التغيير للتنمية والثقافة”.
التقرير، الذي يرصد حصيلة طلبات المعلومات المقدمة إلكترونيا بين دجنبر 2023 وفبراير 2025، كشف أن نسبة الاستجابة لم تتجاوز 33.33 في المائة من أصل 102 طلب تم توجيهها إلى 60 هيئة ومؤسسة عمومية على المستويين الوطني والمحلي، ما يعكس محدودية التفاعل المؤسساتي مع حق دستوري يُفترض أن يشكل دعامة للشفافية والمساءلة.
ووفق المعطيات الواردة في التقرير، فإن متوسط المدة الزمنية للرد بلغ 50.53 يوم عمل، أي أكثر من ضعفي المهلة القانونية المحددة في 20 يوما، قابلة للتمديد مرة واحدة، ما يبرز خللا واضحا في احترام الآجال. كما أشار إلى تفاوت كبير في المدد بين مؤسسة وأخرى، حيث تراوحت فترات الرد بين يومين و160 يوما، وهو ما يكشف غياب معيارية واضحة في المعالجة.
من أصل 34 جوابا تم التوصل بها، لم تحترم سوى 9 أجوبة الآجال القانونية الأساسية، بينما تم تقديم 14 جوابا خارج المهلة المحددة، مما يثير تساؤلات حول جدوى النصوص التنظيمية في غياب التفعيل الصارم لها.
وعلى مستوى جودة المحتوى، رصد التقرير أن 11 فقط من أصل 34 جوابا تميزت بالوضوح والكمال والمهنية، من بينها أجوبة مؤسسات مثل رئاسة النيابة العامة، وجامعة محمد الأول، والوزارة المكلفة بالانتقال الرقمي، ومجلس جهة الشرق، والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، ما اعتُبر “استثناءً إيجابيًا” وسط أداء إداري غير متجانس.
وفي تشخيصه للعوائق، لفت التقرير إلى استمرار ضعف النشر الاستباقي للمعلومات، ما يضطر المواطنين إلى تقديم طلبات كان من المفروض ألا تكون ضرورية، إضافة إلى تدني جودة الردود وتجاهل الآجال القانونية، فضلاً عن محدودية الوعي الإداري بالمقتضيات القانونية المرتبطة بهذا الحق.
وأوصى التقرير بضرورة مراجعة شاملة للقانون رقم 31.13 بهدف تجاوز أوجه القصور المسجلة، وتعزيز النشر الاستباقي للمعلومات، وتكوين الموظفين المكلفين بمعالجة الطلبات، إلى جانب توسيع الوعي المجتمعي بأهمية هذا الحق كرافعة للحكامة الجيدة.
التقرير خلُص إلى أن الحق في الحصول على المعلومات ليس امتيازًا إداريًا، بل هو ركيزة أساسية في بناء الشفافية وترسيخ الديمقراطية التشاركية، وأن الانتقال من النص إلى التطبيق الفعلي يظل رهينًا بإصلاحات قانونية وإرادة مؤسساتية ومساءلة حقيقية.