شهد المغرب خلال العقود الستة الماضية تحولًا ديموغرافيًا كبيرًا، يتمثل في انخفاض معدل الخصوبة من 7.1 طفل لكل امرأة في عام 1960 إلى 2.1 طفل في عام 2024. هذا التغير يعكس تحولات اجتماعية واقتصادية وثقافية عميقة في المجتمع المغربي.
يرجع انخفاض معدل الخصوبة إلى عدة عوامل رئيسية. أولاً، التحولات الاقتصادية التي شهدها المغرب منذ ستينيات القرن الماضي، بما في ذلك النمو الاقتصادي والتحضر، أدت إلى تغييرات في نمط الحياة وزيادة تكاليف تربية الأطفال. الأسر الحضرية، على وجه الخصوص، تميل إلى إنجاب عدد أقل من الأطفال بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة والحاجة إلى توفير تعليم جيد ورعاية صحية لأبنائهم.
ثانيًا، تحسين مستوى التعليم، خاصة بين النساء، كان له تأثير كبير على معدل الخصوبة. التعليم العالي يرتبط عادة بتأخير سن الزواج والإنجاب، وكذلك بزيادة المشاركة في سوق العمل. النساء المتعلمات يفضلن غالبًا تكوين أسر صغيرة والتركيز على تطوير حياتهن المهنية.
التغيرات الثقافية لعبت أيضًا دورًا حاسمًا في هذا الانخفاض. تغيرت النظرة التقليدية للأسرة الكبيرة، وأصبحت الأسر الصغيرة أكثر قبولًا.
بالإضافة إلى ذلك، زاد الوعي بأهمية التخطيط الأسري واستخدام وسائل منع الحمل، مما ساعد الأزواج على التحكم في حجم أسرهم بشكل أفضل.
على الرغم من أن انخفاض معدل الخصوبة يمكن أن يؤدي إلى فوائد اقتصادية واجتماعية، مثل تحسين نوعية الحياة وزيادة فرص التعليم والتوظيف، فإنه يحمل أيضًا تحديات مستقبلية.
أحد أبرز هذه التحديات هو شيخوخة السكان، التي يمكن أن تؤدي إلى زيادة الأعباء على نظام الرعاية الصحية والمعاشات التقاعدية.
من جهة أخرى، يمكن لهذا الانخفاض أن يوفر فرصًا لتعزيز التنمية المستدامة. يمكن للحكومة أن تستغل هذه الفرصة لتعزيز الاستثمار في التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية، مما يساعد على بناء مجتمع أكثر تقدمًا واستدامة.
يشير انخفاض معدل الخصوبة في المغرب إلى تحولات عميقة في المجتمع المغربي على مدى العقود الماضية. بينما يشكل هذا الانخفاض تحديات، فإنه يفتح أيضًا أبوابًا لفرص جديدة يمكن أن تسهم في بناء مستقبل أكثر ازدهارًا واستدامة. من المهم أن تستمر السياسات الحكومية في التكيف مع هذه التغيرات لتعزيز النمو الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.