رشيد لزرق
الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ستكون لها تداعيات جيو سياسية واقتصادية على المنطقة وبعض دول العالم.
أن اندلاع الحرب بين موسكو وحلف شمال الأطلسي، بدون شك لها تداعيات جيوسياسية واقتصادية، على العالم بأسره ومنها المغرب، فالتذبذب الحاصل في أسعار النفط والغاز في العالم، وفي سوق الذهب، والبورصات العالمية الكبرى و الاقتصاد الوطني المغربي ليس بمنأى عن هذه التداعيات ، فالحرب بين روسيا وأوكرانيا، في الوقت الراهن و اجتياح روسيا لاوكرانيا هو تغيير في الوصف الدولي له ما بعده في عالم يسير نحو تعدد الاقطاب. هذه المتغيرات الدولية سترخي بظلالها على المغرب الذي لن يتأثر وحده من هذه الحرب لأن روسيا وأوكرانيا من أكبر دول العالم في إنتاج الحبوب، ما سيؤدي إلى ارتفاع أسعارها في السوق الدولية وكذلك ارتفاع أسعار البترول والمواد الأساسية، بما سيؤثر بشكل كبير في ارتفاع كلفة الدعم بالمغرب، ويعمق قيمة العجز في المالية العمومية الدولة لسنة 2022، خاصة وفرضيات قانون المالية بالنسبة لسعر برميل النفط، و الموسم الفلاحي الذي يفشل بالجفاف لن تصمد طويلا.
أعتقد أن الأسعار التي تعرف منحى تصاعديا تؤثر وتنهك لاشك القدرة الشرائية للمغاربة، بل و تهيئ المناخ لقلاقل إجتماعية خاصة في ظل تردد حكومي واضح في التعاطي الإستباقي مع موجة الغلاء، إذ إن بعض الإجراءات المتمثلة في دعم النقل العمومي غير كافية، خاصة لأصحاب الدخل المتوسط والضعيفة والمتوسطة، فيظل الإرتفاع المتواصل للأسعار إكراها يلتهم رواتبهم.
وبالتالي فتحسين الوضع المعيشي يحتاج إلى قرارات حكومية حاسمة تواجه الأزمة في عمقها بدل الحلول الترقيعية التي تقوم بها الحكومة. فالإجراءات الحكومية غير متناسقة ولا تملك استراتجية متكاملة، في وقت تتفاقم فيه الأوضاع الإجتماعية جراء الغلاء الأمر الذي يحتاج لإجراءات سريعة المدى وأخرى متوسطة لتجنّب تداعيات الأوضاع الدولية، خاصة وأن كل المؤشرات تذهب إلى ان الأسواق الدولية في مجال الغذاء والطاقة ستشهد قفزات غير مسبوقة، ما قد يسبب عجزا هيكليا و ارتفاع في كلفة المعيشة
لهذا فالمخطط الحكومي يجب أن تدرك الحكومة انه جزء من إصلاح اقتصادي يتعين خوضه من أجل الخروج من الأزمة الخانقة وتحسين ظروف العيش. خاصة وقد ظهر أن هناك مستويات ضعيفة من المخزونات الأساسية لمواد أولية منها القمح والمحروقات وضعف المخزونات يمكن أن يتحوّل إلى نقص فادح في السلع في الأشهر القادمة ويلهب الأسعار بشكل أكبر.
وعليه فالحكومة مطالبة إذن بوضع خطة لمواجهة غلاء أسعار الغذاء والطاقة، عبر مواجهة المضاربة وتخفيف التقلبات الدولية وذلك والبحث عن حلول عملية من شانها المساعدة على الرفع من المخزونات الإستراتيجية.
ارتفاع أسعار النفط في العالم، بسبب الأزمة الروسية – الأوكرانية الذي يدفع الحكومة إلى اعتماد إجراءبغية تلطيف ارتفاع المحروقات مع احتمال الارتفاع المتنامي للأسعار العالمية بغية المحافظة على الاستقرار لكون بقاء المواطن في مواجهة السوق يدفع الى مزيد من الاحتياجات فارتفاع الأسعار عالمياً سيكون له تأثير مباشر في مستوى ارتفاع الأسعار الداخلية، باعتبار أن كل المنتجات الذي يتم استعمال المحروقات في إنتاجها، بما سيسرع في وتيرة التضخم المالي، ما سيؤثر في القدرة الشرائية وعلى التوازنات العامة للمالية العمومية .
طما أن المغرب مهدد بخسارة السوق الروسية التي يتواجد بها حرب في أوكرانيا بتأثيرات دولية واسعة النطاق، لن تستثن مصالح العاصمة الرباط، أمام الروابط التجارية الكبيرة التي تجمع المغرب بكييف وموسكو، وكذلك تاثيرها بشكل مباشر على اوروبا التي تعد الشريك الاقتصادي للمغرب لهذا فإن تطور الأزمة و انعكاساتها سيشمل جل دول العالم بفعل الاعتماد المتبادل .
المغرب يعرف الجفاف و حاجته من القمح سترتفع وفي ظل ارتفاع سعر القمح إلى مستويات غير مسبوقة بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا، إذ بلغ 344 اورو للطن ، وهذا فيه تأثير مباشر على المغرب لكون القانون المالي التي تضرب فرضيات التي قام عليها مما يجعل تأثير الأزمة على الاقتصاد الوطني تأثير مباشر
و مواجهة الاضطراب على مستوى سلاسل التوريد عالمياً واي نقص في المواد الأساسية في السوق المغربية ، خصوصاً أن أوكرانيا من كبار منتجي الحبوب ومصدريها الأساسيين في العالم.
هذا على مستوى الاني أما على المستوى المتوسط ينبغي تحصينالسيادة الوطنية لمعناه الشامل عبر
مواجهة التقلبات و الأخطار العالمية التي أظهرت أهمية السيادة القومية؛ وهو ما جاء في الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح البرلمان، باستشرافه وتطرقه الى عودة قضايا السيادة إلى الواجهة، في أبعادها الصحية والطاقية والصناعية والغذائية.
حيث دعا خطاب الملك محمد السادس إلى ضرورة إحداث منظومة وطنية متكاملة، تتعلق بالمخزون الإستراتيجي للمواد الأساسية، لا سيما الغذائية والصحية والطاقية، والعمل على التحيين المستمر للحاجيات الوطنية، بما يعزز الأمن الإستراتيجي للبلاد
بنوك الغذاء والطاقة.
وهذا يفترض تحقيق الاكتفاء الذاتي في ما يتعلق بمجموعة من المواد الأساسية التي تتطلبها الحياة الإنسانية على المستوى الداخلي ، و هذا يفترض من الحكومة في المرحلة المقبلة أقصى انواع التضامن لكي تواجه التحديات المتعلقة بتقلبات الأجواء والأسعار في الأسواق الدولية؛ وبالتالي، ضمان الأمن الإستراتيجي الشامل على المدى الطويل في مواجهة عدم اليقين في المحيط الدولي ، من خلال تصور واضح و متماسك .
بخصوص المغاربة الموجودين في أوكرانيا وأغلبهم طلبة ينبغي على على وزارة الخارجية التواصل مستمر مع أفراد الجالية في أوكرانيا من خلال سفارة، وكذلك مع السلطات الأوكرانية التي أكدت أن الوضع الداخلي الراهن يسير بشكل طبيعي بما لا يدعو إلى القلق بالنسبة إلى أفراد الجالية المغربية، خصوصاً الطلبة باعتبار تواصل الدروس في الجامعات الأوكرانية بصفة عادية وتوفر الرحلات الجوية من هذا البلد وإليه.