نجت أميناتا تراوري من حادث غرق في مارس قبالة السواحل التونسية بينما كانت تسعى مع مجموعة من المهاجرين غير القانونيين للوصول الى أوروبا، لكنها فقدت طفلتها وشقيقتها وابنة شقيقتها. رغم ذلك، تنتظر المرأة القادمة من ساحل العاج فرصة أخرى للإبحار.
وسجل عدد المهاجرين من تونس نحو السواحل الأوروبية أعدادا غير مسبوقة منذ العام 2011، ووقعت أحداث غرق مأساوية في عرض المتوسط كان ضحيتها للمرة الأولى مهاجرون بغالبيتهم غير تونسيين.
وتبي ن إحصاءات “المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية” أن 53 في المئة من المهاجرين القادمين من تونس والذين وصلوا الى إيطاليا خلال الفصل الأول من 2012، هم من دول في إفريقيا جنوب الصحراء.
ووقعت سلسلة حوادث غرق خلال شهرين قبالة صفاقس في وسط شرق تونس، نقطة الانطلاق الرئيسية وفق الأمم المتحدة للمهاجرين من تونس، أوقعت حوالى مئة قتيل من ساحل العاج وغينيا وبوركينا.
وتقول أميناتا (28 عاما) بحزن “قد تخفف مغادرة تونس من الألم الذي أشعر به”.
ووجدت المهاجرة نفسها دون عمل بعد الحادث.
وتؤكد أنها مستعدة للعودة الى ساحل العاج، لكن ثمن تذكرة الطائرة والغرامة المالية التي يفترض أن تدفعها لأنها بقيت ثلاث سنوات بطريقة غير قانونية على الأراضي التونسية، باهظ.
وتقول “أجد نفسي مضطرة للقيام بمحاولة جديدة”.
وتجلس الى جانبها بريستا كوني (28 عاما) التي قدمت هي الأخرى من ساحل العاجل وتم اعتراض المركب الذي كانت فيه في كانون الثاني/يناير 2020 من قوات خفر السواحل. وتقول بريستا “بالرغم من خطر الغرق وحزن عائلاتنا، نحن على استعداد دائم للمخاطرة بحياتنا”.
ووصلت بريستا الى تونس في العام 2014. حاولت الشابة مواصلة دراستها وكانت تحمل شهادة في التجارة والموارد البشرية من بلادها، لكنها لم تتمكن بسبب ضعف مواردها المالية.
عملت كخادمة منزلية “وهناك اكتشفت هول العنصرية في هذه البلاد”، وفق قولها.
وتروي أن “صاحبة المنزل كانت تطلب مني ألا ألمس أبناءها لأنني سوداء البشرة. ولم يكن لي الحق في العلاج عندما أمرض. عندما يفقدون شيئا في البيت كانوا يتهمونني مباشرة بالسرقة”.
تستشيط غضبا وتصرخ “في الشارع ينادونني كحلوش (أسود) أو قرد ويرجمونني بالحجارة”.
وتثير قصتها غضب مهاجرين آخرين متجمعين في غرفة صغيرة في منطقة الشيشمة، الحي الشعبي في محافظة صفاقس، لتقاسم عشاء تم إعداده ببقايا عظام ديك رومي فاسد وأرز.
ويقول رئيس “جمعية الإيفواريين” في تونس عمر كوليبالي “لو نجا مهاجرون من حادث غرق مركب منتصف النهار، سيكونون جاهزين للمغادرة مرة أخرى بعد ساعة. بالنسبة لهم أوروبا أو الموت”.
وتقد ر الجمعية التي يترأسها كوليبالي وتحاول مساعدة المهاجرين، أن هناك حوالى 20 ألف مهاجر من أصول في إفريقيا جنوب الصحراء في تونس، ستون في المئة منهم من ساحل العاج.
وينتمي غالبية المهاجرين الى أسر فقيرة و”يمثلون أمل العائلة”، وفق كوليبالي الذي يضيف أن “البعض منهم جاؤوا لإتمام الدراسة والعمل برواتب جيدة، لكن هذا ليس بالأمر السهل. لم تقل لهم الحقيقة” حول السفر الى تونس.
ويشير الى أن الحصول على أوراق رسمية للإقامة في تونس يكاد يكون أمرا مستحيلا، ما يدفعهم الى العمل بطريقة غير قانونية وبرواتب صغيرة. ويتعرضون لتوقيفات “عشوائية” وتمارس ضدهم العنصرية.
ويؤكد رئيس المنتدى التونسي للحقوق علاء الطالبي أن ازدياد محاولات الهجرة