فؤاد بوجبير
ﺑﻌد أﻛﺛر ﻣن ﻋﻘدﯾن ﻣن اﻟﺗﺣدﯾث اﻟﺗدرﯾﺟﻲ، ﺗﺟد اﻹدارة اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ نفسها ﻋﻠﻰ ﻣﻔﺗرق طرق. ﻓﻘد أﺻﺑﺢ ﻣن اﻟواﺿﺢ أن ھﻧﺎك ﺣﺎﺟﺔ ﻣﻠﺣﺔ إﻟﻰ ﻗطﯾﻌﺔ واﺿﺣﺔ: ﻣرﻛزﯾﺔ ﻣﺳﺗﻣرة، ﺗﻌﻘﯾد اﻹﺟراءات، ﺿﻌف اﻟﺛﻘﺔ ﺑﯾن اﻟدوﻟﺔ واﻟﻣواطن، وﺻﻌوﺑﺔ اﻟوﻟوج إﻟﻰ .اﻟﺧدﻣﺎت… ﻓﺎﻹدارة، ﻓﻲ صيغتها اﻟﺣﺎﻟﯾﺔ، ﺗﺟد ﺻﻌوﺑﺔ ﻓﻲ ﻣواﻛﺑﺔ اﻟﺗﺣوﻻت اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﻣﺟﺎﻟﯾﺔ ﻟﻠﻣﻣﻠﻛﺔ. ﻓﻲ ھذا اﻟﺳﯾﺎق، ﺑدأ ﯾﺑرز ﺑﻘوة ﻣﺛﻠث اﺳﺗراﺗﯾﺟﻲ: اﻹﺻﻼح اﻹداري، اﻟﺗﺣول اﻟرﻗﻣﻲ، والجهوية اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ. ﺛﻼث دﻋﺎﺋم ﯾﺗﻌﯾن اﻟﺗﻔﻛﯾر فيها ﺑﺷﻛل ﺗﻛﺎﻣﻠﻲ وﻋﻣﻠﻲ ﻣن أﺟل إﻋﺎدة ﺗﺄﺳﯾس اﻟﺧدﻣﺔ اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ وجعلها أﻛﺛر ﻗرﺑًﺎ وﻓﻌﺎﻟﯾﺔ وإﻧﺻﺎﻓًﺎ.
إن ھذا اﻟورش اﻟﻛﺑﯾر ﯾﻧدرج ﻓﻲ ﺻﻣﯾم التوجيهات اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﺳﺎﻣﯾﺔ ﻟﺻﺎﺣب اﻟﺟﻼﻟﺔ اﻟﻣﻠك ﻣﺣﻣد اﻟﺳﺎدس ﻧﺻره ﷲ، اﻟذي ﻣﺎ ﻓﺗﺊ يدﻋو إﻟﻰ إﻋﺎدة ﺗﺄﺳﯾس اﻟﻌﻣل اﻟﻌﻣوﻣﻲ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺷﻔﺎﻓﯾﺔ واﻟﻧﺟﺎﻋﺔ واﻟﻣﺣﺎﺳﺑﺔ واﻟﻘرب ﻣن اﻟﻣواطن. وﻣن ﺧﻼل ﺧطﺑﮫ اﻟﻣﺗﻌددة، ﺣدد ﺟﻼﻟﺗﮫ ﻣﻌﺎﻟم إدارة ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ اﻟﻣواطن، ﺗرﻛز ﻋﻠﻰ ﺟودة اﻟﺧدﻣﺎت واﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﻣﺟﺎﻟﯾﺔ.
إصلاح الإدارة العمومیة بین التحدیات المحلیة والضغوط العالمیة :
في الوقت الذي یشھد فیه المغرب دینامیة تحول عمیقة، فإن إصلاح إدارتھ العمومیة یفرض نفسھ كرافعة أساسیة للتنمیة. وفي ظل تأثره بتوجھات دولیة – كالحكامة الحدیثة، والتطورات الرقمیة، وتوقعات الجھات المانحة – یتعین على الطموح المغربي أن یتكیف مع إرث مؤسسي یتمیز بمركزیة السلطة. وبالتالي، یتعین على المغرب أن یوازن بین الاستجابة للتطلعات المتزایدة لمواطنيه، مع مواكبة المعاییر الدولیة للكفاءة والشفافیة. وقد لعبت جائحة كوفید-19 دوراً محفزاً في الكشف عن الحاجة الملحة لإعادة النظر في أسالیب العمل، خاصة من خلال رقمنة الخدمات العمومیة.
ورغم الجھود المبذولة في تحسین البنیة التحتیة وتوفیر الخدمات الأساسیة، لا تزال الإدارة المغربیة تسعى إلى تحقیق تحدیث حقیقي، یستوجب اعتماد الكفاءة كمعیار أساسي في التوظیف، وتعزیز آلیات المساءلة، وتبني نظام منھجي لتقییم الأداء، إلى جانب ترشید الموارد عبر الرقمنة. وویعتمد نجاح ھذا الورش الإصلاحي على توفر إرادة سیاسیة صلبة، وانخراط ف ّعال للمجتمع المدني، بالإضافة إلى ملاءمة النماذج العالمیة مع السیاق المغربي الخاص. فالأمر لا یتعلق فقط بإصلاح إداري تقني، بل بخیار استراتیجي لجعل الإدارة رافعة موثوقة لتحول البلاد.
ﺗﺷﺧﯾص واﻗﻌﻲ وﻣﺷﺗرك: إﺻﻼح ﻟم ﯾﻛﺗﻣل ﺑﻌد
قاﻣت ﻋدة ﻣؤﺳﺳﺎت دستورية، ﻋﻠﻰ ﻣر اﻟﺳﻧﯾن، ﺑﺗﺷﺧﯾص دﻗﯾق ﻟوﺿﻊ اﻹدارة اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ. ﻣن جهته أﺑرز اﻟﺑرﻟﻣﺎن ﻓﻲ ﻣﻧﺎﺳﺑﺎت ﻣﺗﻌددة وﺟود اﺧﺗﻼﻻت ﻛﺑﯾرة: ﺗﺷﺗت اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ، ﺑطء ﻓﻲ اﻹﺻﻼﺣﺎت اﻟﻧظﺎﻣﯾﺔ، ﻋدم ﻣﻼءﻣﺔ اﻟﺑﻧﯾﺎت ﻣﻊ ﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﻌﺻر، وﺿﻌف ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ. ﻛﻣﺎ أﻛد ﻋﻠﻰ ﺿرورة اﺳﺗﻘرار الهياكل اﻟﺣﻛوﻣﯾﺔ، استلهام طرق ﺗﺳﯾﯾر اﻟﻘطﺎع اﻟﺧﺎص، ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺗﻌﺎﻗد واﻟﺗﻘﯾﯾم، واﻻﻧﺧراط اﻟﺟدي ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﻼﺗﻣرﻛز اﻹداري ﻣﺻﺣوﺑﺔ ﺑﺈﺻﻼح ﺗدﺑﯾر ﻟﻣوارد اﻟﺑﺷرﯾﺔ.
أﻣﺎ اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻠﺣﺳﺎﺑﺎت، ﻓﻘد ﻧﺑّﮫ إﻟﻰ ﺑطء ﺗﻧﻔﯾذ ﻣﯾﺛﺎق اﻟﻼﺗﻣرﻛز، وﻧﻘص اﻟﺗﻧﺳﯾق، وﺿﻌف اﻟﺣﻛﺎﻣﺔ اﻟﺗراﺑﯾﺔ، وﺗﺄﺧر إﺣداث ﺑﻧﯾﺎت ﻓﻌﺎﻟﺔ ﻟﻼﺗﻣرﻛز، وﺗردد ﻓﻲ ﻧﻘل اﻟﺻﻼﺣﯾﺎت ﻓﻌﻠﯾًﺎ إﻟﻰ الجهات، وكلها اﻋﺗﺑرت ﻣﻘﻠﻘﺔ . وفي جانب آخر، رﻛز اﻟﻣﺟﻠس اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ واﻟﺑﯾﺋﻲ ﻋﻠﻰ ﺿرورة إﻋﺎدة اﻟﺗوازن اﻟﻣﺟﺎﻟﻲ ﻟﻠﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ، وﺗﺣﺳﯾن اﻟﺗﻧﺳﯾق ﺑﯾن ﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟدوﻟﺔ، وﺗﺛﻣﯾن ﺣﻘﯾﻘﻲ ﻟﻠوظﯾﻔﺔ اﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ اﻟﻣﺟﺎﻟﯾﺔ.
ﻣﺟﻣل اﻟﻘول أن اﻹﺻﻼح اﻹداري ﻓﻲ ﺑداﯾﺗﮫ، ﻟﻛﻧﮫ ﻻ ﯾزال ﻣﺟزءاً، وﻏﯾر ﻣﻧدﻣﺞ ﺑﺷﻛل ﻛﺎف، وﻗﻠﯾل اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗﻔﯾد أي المرتفق.
رﻗﻣﻧﺔ ﻏﯾر ﻣﺗﻛﺎﻓﺋﺔ وﻏﯾر ﻣﻛﺗﻣﻠﺔ
ﻣﻧذ ﺑداﯾﺔ اﻷﻟﻔﯾﺔ الثالثة، اﻧﺧرط اﻟﻣﻐرب ﻓﻲ دﯾﻧﺎﻣﯾﺔ اﻟرﻗﻣﻧﺔ. ﺑواﺑﺎت اﻟﺧدﻣﺎت ﻋن ﺑﻌد، وﻣﻧﺻﺎت اﻹﻗرار اﻟﺿرﯾﺑﻲ، وإﻧﺷﺎء اﻟﻣﻘﺎوﻻت ﻋﺑر اﻹﻧﺗرﻧت، واﻟﺗﺳﺟﯾل اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ اﻟرقمي. ﺗﺿﺎﻋﻔت اﻟﻣﺑﺎدرات. ﻟﻛن نطاقها ﻻ ﯾزال ﻏﯾر ﻣﺗﻛﺎﻓﺊ: رﻗﻣﻧﺔ ﺑﺳرﻋﺗﯾن، ﺗﺗرﻛز ﻓﻲ اﻟﻣدن اﻟﻛﺑرى، ﻓﻲ ﺣﯾن ﺗﻛﺎﻓﺢ اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﻘروﯾﺔ ﻟﻠوﺻول إﻟﻰ اﻟﺧدﻣﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ.
ﯾُﻧﺗﺞ اﻟﺗﻛﺗل ﺑﯾن اﻹدارات ﻏﺎﺑﺔ رﻗﻣﯾﺔ إدارﯾﺔ: ﻛل وزارة ﺗطور أدواتها اﻟﺧﺎﺻﺔ، دون ﻗﺎﺑﻠﯾﺔ ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻟﻠﺗﺷﻐﯾل اﻟﺑﯾﻧﻲ. واﻟﻧﺗﯾﺟﺔ: إﺟراءات ﻣﺗﻛررة، وﻣﻧﺻﺎت ﻏﯾر سهلة اﻻﺳﺗﺧدام، وﻣواطﻧون ﻣﺟﺑرون ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺎر ﺣﻘﯾﻘﻲ ﻣن اﻟﻌﻘﺑﺎت اﻟرﻗﻣﯾﺔ. ﻛﻣﺎ أن ﺟزءاً ﻛﺑﯾراً ﻣن اﻟﻣوظﻔﯾن اﻟﻌﻣوﻣﯾﯾن ﻏﯾر ﻣدرﺑﯾن أو ﻣواﻛﺑﯾن لهذا اﻟﺗﺣول. فالامية اﻟرﻗﻣﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺗﺷﻛل ﻋﺎﺋﻘﺎً ﺣﻘﯾﻘﯾﺎً أﻣﺎم اﻟﺗﺣدﯾث. وﻓﻲ اﻟوﻗت ﻧﻔﺳﮫ، ﺗﺳﺗﻣر اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺑﯾروﻗراطﯾﺔ، اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗزال مهيمنة، ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر اﻟورق واﻟﺗﺳﻠﺳل الهرمي واﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺷﻛﻠﯾﺔعلى ﺣﺳﺎب اﻟﻧﺟﺎﻋﺔ واﻻﺑﺗﻛﺎر.
اﻟرﻗﻣﻧﺔ: ﻣﺣرك ﻹﻋﺎدة ﺗﺄﺳﯾس اﻟﻌﻣل اﻟﻌﻣوﻣﻲ
لا ﯾﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎر اﻟﺗﺣول اﻟرﻗﻣﻲ ﻣﺟرد ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺗﻘﻧﯾﺔ. ﺑل ﯾﺟب اﻋﺗﺑﺎره راﻓﻌﺔ ﻹﻋﺎدة ﺑﻧﺎء اﻹدارة ﺣول ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺑﺎدئ أﺳﺎﺳﯾﺔ: ﺗﺑﺳﯾط اﻹﺟراءات، واﻟﺗﺷﻐﯾل اﻟﺑﯾﻧﻲ ﻟﻸﻧظﻣﺔ، واﻹدﻣﺎج اﻟرﻗﻣﻲ. ﻓﻘد أﺛﺑﺗت ﺗﺟﺎرب دوﻟﯾﺔ )إﺳﺗوﻧﯾﺎ، ﻓرﻧﺳﺎ، رواﻧدا( أن اﻟﺣﻛﺎﻣﺔ اﻟرﻗﻣﯾﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ، اﻟﻣدﻋوﻣﺔ ﺑﺎﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ وطﻧﯾﺔ واﺿﺣﺔ وﻣزودة ﺑﻣﺎ .ﯾﻛﻔﻲ ﻣن اﻟﻣوارد، ﯾﻣﻛن أن ﺗﺣدث ﺗﺣوﻻ ﻋﻣﯾﻘﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻹدارة واﻟﻣواطن. ﻟذا، ﻣن اﻟﺿروري ﺗﻌزﯾز دور ﺳﻠطﺔ ﻣرﻛزﯾﺔ ﻟﺗﻧﺳﯾق اﻟرﻗﻣﻧﺔ، ﺗﺿﻣن اﻻﻧﺳﺟﺎم واﻟﺣﻛﺎﻣﺔ وﺗﻘرب الجهود اﻟﻣؤﺳﺳﺎﺗﯾﺔ. ﻛﻣﺎ ﯾﺟب اﻹﺳراع ﻓﻲ إﻧﺟﺎز اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ وطﻧﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛوﻣﺔ اﻹﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ، ذات رؤﯾﺔ واﺿﺣﺔ، وأھداف طﻣوﺣﺔ، وﺟدوﻟﺔ دﻗﯾﻘﺔ، وﻣؤﺷرات أداء ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻘﯾﺎس.
إن ﺗﺣدﯾث اﻹدارة ﯾﻣر أﯾﺿًﺎ ﻋﺑر ﺗطوﯾر ﻣﻧﺻﺎت رﻗﻣﯾﺔ ﻣدﻣﺟﺔ، ﻣﺗﻌددة اﻟﻠﻐﺎت، وﻣﺗراﺑطﺔ، ﺗﻘدم ﻟﻠﻣواطن ﺗﺟرﺑﺔ ﺳﻠﺳﺔ وﻣﺗﺟﺎﻧﺳﺔ، ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن ﻣوﻗﻌﮫ أو ﻣﻠﻔﮫ اﻟﺷﺧﺻﻲ. ﻛﻣﺎ أن إدﻣﺎج اﻟذﻛﺎء اﻻﺻطﻧﺎﻋﻲ واﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﺗﻧﺑؤي ﺑﺎت ﺿرورﯾًﺎ ﻻﺳﺗﺑﺎق ﺣﺎﺟﯾﺎت .اﻟﻣواطﻧﯾن وﺗﻛﯾﯾف اﻟﻌﻣل اﻟﻌﻣوﻣﻲ ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟﻔﻌﻠﻲ.
وأﺧﯾراً، ﯾﻌﺗﻣد ﺗﺄﻣﯾن ھذه اﻟﻣﻧظوﻣﺔ ﻋﻠﻰ اھﺗﻣﺎم ﻣﺳﺗﻣر ﺑﺎﻷﻣن اﻟﺳﯾﺑراﻧﻲ، واﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺎرﻣﺔ ﻟﻠﺑﯾﺎﻧﺎت اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ، وإﻧﺷﺎء آﻟﯾﺎت ﺗﺗﺑﻊ ﺗﺿﻣن اﻟﺷﻔﺎﻓﯾﺔ واﻟﻣﺳﺎءﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرارات اﻹدارﯾﺔ كلها.
إﺻﻼح ﻣﺟﺎﻟﻲ: اﻟﻼﺗﻣرﻛز، اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ، وﺣﻛﺎﻣﺔ جهوية
إدارة ﻓﻌﺎﻟﺔ ﺗﻌﻧﻲ أوﻻً إدارة ﻗرﯾﺑﺔ. وﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻣﻐرب إﻧﺟﺎح اﻹﺻﻼح دون ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﻣﺟﺎﻟﯾﺔ ﺗوﻓق ﺑﯾن اﻟﻼﺗﻣرﻛز واﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ اﻟﻼﺗﻣرﻛز ﯾﺗطﻠب ﻧﻘﻼً ﺣﻘﯾﻘﯾًﺎ ﻟﻼﺧﺗﺻﺎﺻﺎت إﻟﻰ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ، ﻣدﻋوﻣًﺎ ﺑوﺳﺎﺋل ﺑﺷرﯾﺔ وﻣﺎﻟﯾﺔ وﺗﻘﻧﯾﺔ. وﯾﺳﺗﻠزم ﻣﺧططﺎت جهوية ﻗطﺎﻋﯾﺔ، ﻟﺟﺎن ﺗﻧﺳﯾق جهوية، وﺗﻘﯾﯾﻣًﺎ دورﯾًﺎ ﻟﻸداء اﻟﺗراﺑﻲ. أﻣﺎ اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ، ﻓﺗﻌﻧﻲ ﻣﻧﺢ اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗراﺑﯾﺔ – ﺧﺎﺻﺔ الجهات – ﺻﻼﺣﯾﺎت واﺿﺣﺔ، وﻣﯾزاﻧﯾﺎت ﺷﻔﺎﻓﺔ، وﻗدرات ﺑﺷرﯾﺔ ﻣﻌززة. ﻛﻣﺎ ﺗﻔﺗرض ﺣوارًا ﺟدﯾدًا ﺑﯾن ﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﺣﻛﺎﻣﺔ: اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ، اﻟوﻻة، اﻟﻌﻣﺎل، رؤﺳﺎء اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت الترابية. ﻓﻲ ھذا اﻹطﺎر، ﯾﻣﻛن ﻟﻠرﻗﻣﻧﺔ أن ﺗﻠﻌب دورًا ﺣﺎﺳﻣًﺎ: فهي ﺗﺗﯾﺢ ﺷﻔﺎﻓﯾﺔ اﻟﻘرارات الجهوية، وﻣﺷﺎرﻛﺔ اﻟﻣواطﻧﯾن، وﺗﺣﺳﯾن ﺗدﺑﯾر اﻟﻣوارد اﻟﻣﺣﻠﯾﺔ، وﺟودة اﻟﺧدﻣﺎت.
ﻻ ﯾﻣﻛن ﻷي إﺻﻼح أن ﯾﻧﺟﺢ دون ﻗﯾﺎدة اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ واﺿﺣﺔ. ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻐرب ﺗﻔﻌﯾل وﺗﻌزﯾز ھﯾﺋﺎت اﻟﺣﻛﺎﻣﺔ: ﻟﺟﺎن ﻣﺷﺗرﻛﺔ، شبكات ﻣﺳؤوﻟﻲ اﻹﺻﻼح، ﻟﺟﺎن ﺗﺗﺑﻊ رﻗﻣﯾﺔ، ﻣراﺻد اﻟﺗﻘﯾﯾم. وﻣن اﻟﺿروري إرﺳﺎء ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻧﺟﺎﻋﺔ واﻟﻣﺳﺎءﻟﺔ: ﯾﺟب ﺗﻘﯾﯾم اﻹدارات ﺑﻧﺎءً ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ، ﻻ ﻋﻠﻰ اﻟوﺳﺎﺋل. ﻛﻣﺎ ﯾﺟب ﺗﻣﻛﯾن اﻟﻣواطﻧﯾن من اﻟوﺻول إﻟﻰ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺔ، اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن آرائهم، واﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻓﻲ ﺗﺻﻣﯾم اﻟﺧدﻣﺎت. ﻛﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ إﻋﺎدة اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ اﻟﺗواﺻل اﻟﻣؤﺳﺳﺎﺗﻲ: ﺣﻣﻼت ﺗﺣﺳﯾﺳﯾﺔ، ﺑواﺑﺔ ﻣوﺣدة ﻟﻠﻣﻌﻠوﻣﺎت، ﺗﺻور ﻣرﺋﻲ ﻟﻺﺻﻼﺣﺎت ﻓﻲ اﻟزﻣن .اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ، وﺣوار ﻣﻔﺗوح ﻣﻊ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣدﻧﻲ.
أي حكامة للنجاح
ﯾﻣﺗﻠك اﻟﻣﻐرب اﻟﯾوم ﻛل اﻟﻣﻘوﻣﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻠﻧﺟﺎح: إطﺎر ﻣؤﺳﺳﺎﺗﻲ ﻣﺳﺗﻘر، رؤﯾﺔ اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﻣن أﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى، ﻛﻔﺎءات إدارﯾﺔ، وأدوات ﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺔ ﻣﺗطورة. ﻣﺎ ﯾﻧﻘﺻﮫ ھو اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﻣواءﻣﺔ اﻟرؤﯾﺔ ﻣﻊ اﻟﺣﻛﺎﻣﺔ واﻟﺗﻧﻔﯾذ. ﻓﺎﻹﺻﻼح اﻹداري واﻟﺗﺣول اﻟرﻗﻣﻲ ﻟﯾﺳﺎ ورﺷﯾن ﻣﻧﻔﺻﻠﯾن، ﺑل وجهان ﻟﻣﺷروع ﻣﺟﺗﻣﻌﻲ واﺣد. ﺑﺷرط أن ﯾﻛوﻧﺎ ﻣﺗﺟذرﯾن ﻓﻲ اﻟﺗراب، واﺿﺣﯾن ﻓﻲ حمولتهما، ﻣﺷﺗرﻛﯾن ﻣﻊ اﻟﻣواطﻧﯾن، وﻣﺗﺟﺳدﯾن ﻓﻲ ﺛﻘﺎﻓﺔ إدارﯾﺔ ﺟدﯾدة، ﯾﻣﻛن لهما أن ﯾﺣﻘﻘﺎ ﺗﺣوﻻً إﯾﺟﺎﺑﯾًﺎ .وداﺋﻣًﺎ ﺗﺣت اﻟﻘﯾﺎدة واﻟرؤﯾﺔ اﻟﺳدﯾدة ﻟﺻﺎﺣب اﻟﺟﻼﻟﺔ اﻟﻣﻠك ﻣﺣﻣد اﻟﺳﺎدس ﻧﺻره ﷲ، اﻟذي ﺟﻌل ﻣن إﺻﻼح اﻹدارة أوﻟوﯾﺔ وطﻧﯾﺔ، وﻣن اﻟرﻗﻣﻧﺔ راﻓﻌﺔ ﻟﻠﺗﻘدم واﻟﻌداﻟﺔ، ﻓﺈن اﻟﻣﻐرب ﻣدﻋو اﻟﯾوم ﻷن ﯾﺧطو ﺧطوة ﺣﺎﺳﻣﺔ. ﻓﺎﻷﻣر ﻻ ﯾﺗﻌﻠق بهدف ﺗﻘﻧﻲ، ﺑل ھو اﻟﺗزام ﺟﻣﺎﻋﻲ .ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ اﻟﻣواطﻧﺔ، واﻟﻌداﻟﺔ اﻟﻣﺟﺎﻟﯾﺔ، واﻟﺣﻛﺎﻣﺔ اﻟﺟﯾدة.