وجّه الإعلامي والكاتب محمد عبد الرحمن برادة انتقادات حادة للحكومة المغربية على خلفية إحداث اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، معتبرًا أن هذه الخطوة “تراجع عن المكتسبات التنظيمية للمهنة”.
وجاء ذلك خلال محاضرة ألقاها برادة بعنوان “الصحافة والنشر والتوزيع في المغرب: الواقع والتطلعات”، ضمن الدرس الافتتاحي لمسار التميز في الصحافة والإعلام بجامعة السلطان مولاي سليمان في بني ملال.
برادة، الرئيس المدير العام السابق لمجموعة “سبريس” للتوزيع، أوضح أن الصحافيين كانوا يتطلعون لأن يكون المجلس الوطني للصحافة أداة لتعزيز التنظيم الذاتي وحل المشكلات التي يعاني منها القطاع، إلا أن المجلس، بحسبه، تحول إلى “عائق إضافي”. وأشار إلى أن تمديد ولاية أعضاء المجلس السابق “بصفة غير قانونية وغير دستورية” أدى إلى فقدان الثقة في أدائه، معتبرًا أن تشكيل اللجنة المؤقتة يمثل خطوة “تتنافى مع فكرة التنظيم الذاتي للقطاع” التي نص عليها الدستور المغربي.
وأشار برادة إلى أن الحكومة لم يكن لها الحق في إحداث اللجنة المؤقتة، مؤكدًا أن تنظيم القطاع يجب أن يكون من مسؤولية المهنيين أنفسهم، كما هو الحال في قطاعات أخرى مثل المحاماة والطب.
في السياق ذاته، وصف الأستاذ الجامعي محمد حفيظ إحداث اللجنة المؤقتة بأنه “اعتداء على الصحافة والصحافيين”، معتبرًا أن هذا الإجراء يتعارض مع الفصل 28 من الدستور المغربي، الذي يشدد على استقلالية قطاع الصحافة وتنظيمه ديمقراطيًا.
وأوضح حفيظ، خلال مداخلته، أن الصحافة المغربية تواجه تحديات متعددة، أبرزها ضعف حرية الصحافة، والمهنية، والتكوين، إضافة إلى الوضع الحالي للمجلس الوطني للصحافة. ولفت إلى أن الرقابة الذاتية أصبحت ظاهرة منتشرة بين الصحافيين، ما يعيق ممارستهم لعملهم بحرية.
من جانبها، أبدت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف استياءها من التحول الذي شهده التنظيم الذاتي للمهنة، معتبرة أن إحداث اللجنة المؤقتة يخالف الدستور ويعمق أزمة القطاع. وأكدت الفيدرالية، في بيان صدر عقب اجتماعها الأخير بالرباط، أهمية تعزيز التعاون بين الهيئات المهنية للصحافة والإعلام لتجاوز حالة الانقسام والعمل على تطوير المهنة وفق القوانين والدستور.
كما دعت الفيدرالية إلى تعزيز الشفافية في منح البطاقات المهنية، مشددة على ضرورة الالتزام بالمعايير القانونية لتجنب التوترات وحماية حقوق الصحافيين، معبرة عن أسفها لتحول هذا الملف التقني إلى مصدر للجدل والاتهامات.
يُذكر أن اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر تم إحداثها بموجب القانون رقم 23.15، الصادر في الجريدة الرسمية بتاريخ 7 سبتمبر 2023، وهي مكلفة بتدبير القطاع بشكل مؤقت إلى حين معالجة الإشكالات التنظيمية القائمة.