اعتبرت دراسة حديثة صادرة عن مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، أن تأكيد وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، في 8 أبريل الجاري دعم بلاده لمغربية الصحراء، يمثل “منعطفًا استراتيجيًا” في مسار هذا النزاع الإقليمي المستمر منذ عقود. وأشارت الدراسة إلى أن هذا الموقف الأمريكي يعكس متانة الشراكة بين الرباط وواشنطن، ويؤسس لمنظور عملي للحل السياسي القائم على مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب منذ عام 2007.
وسلطت الدراسة الضوء على ما وصفته بـ”تغير موازين القوى” لصالح المملكة، معتبرة أن موقف واشنطن، الداعم لخطة الحكم الذاتي كحل وحيد واقعي وقابل للتطبيق، لا يعزز فقط موقع المغرب دولياً، بل يسهم في ترسيخ الاستقرار في منطقة تعاني من تهديدات أمنية متزايدة.
وأضاف المصدر أن هذا التطور الاستراتيجي يأتي بعد اعتراف فرنسا في 2024، لأول مرة، بمبادرة الحكم الذاتي المغربية كحل جاد وموثوق، الأمر الذي جعل من الجزائر، الداعم الرئيسي لجبهة البوليساريو، تواجه عزلة متنامية في المحافل الدبلوماسية، وهو ما دفعها إلى التعبير عن أسفها العلني للموقف الأمريكي.
ورأت الوثيقة أن الدعم الأمريكي لا يقتصر على الجانب السياسي، بل يمتد ليشمل أبعادًا أمنية واقتصادية، من خلال تعزيز التعاون الثنائي في مجالات مراقبة الحدود ومكافحة الجماعات المتطرفة، خصوصًا بعد التدخل المغربي في معبر الكركرات عام 2020، والذي أعاد تأكيد سيطرة الرباط على المعابر الحيوية جنوب المملكة.
ولفتت الدراسة إلى التحول في لهجة قرارات مجلس الأمن الدولي منذ 2021، حيث بات التركيز واضحًا على “الحل السياسي الواقعي” دون الإشارة إلى خيار الاستفتاء، في انسجام مع المقاربة المغربية وبدفع من شركائها الدوليين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة.
وفي سياق موازٍ، أكدت الدراسة أن الرباط تعمل على تحويل الأقاليم الجنوبية إلى “قاطرة للتنمية الإقليمية”، عبر مشاريع كبرى على غرار ميناء الداخلة الأطلسي، في إطار المبادرة الملكية لتنمية المحيط الأطلسي، التي تهدف إلى تعزيز التكامل الاقتصادي بين إفريقيا وأوروبا والأمريكتين.
وتُظهر هذه الرؤية، بحسب الدراسة، أن المغرب لم يكتف بتحصين موقفه الدبلوماسي، بل بادر إلى دمج الصحراء المغربية في استراتيجية تنموية شاملة، تعكس طموحه للعب دور محوري في الربط القاري واللوجستي عبر الواجهة الأطلسية.
من جهة أخرى، تطرقت الوثيقة إلى “تراجع الخطاب الانفصالي” لدى جبهة البوليساريو، التي باتت، بحسب المركز، “غير قادرة على مواكبة التحولات الجيوسياسية المتسارعة”، مشيرة إلى أن انحسار التأييد الدولي لها، خصوصًا في العواصم الغربية، ساهم في تقويض سرديتها القديمة حول “حق تقرير المصير”.
وخلصت الدراسة إلى أن المعطيات الجديدة تؤشر إلى ترسيخ الحل المغربي في المنظومة الأممية، وتحول مقترح الحكم الذاتي إلى المرجعية الواقعية الوحيدة للنقاش المستقبلي، في وقت تواصل فيه الرباط كسب المزيد من التأييد السياسي والدبلوماسي في مختلف القارات.