أظهرت نتيجة مباراة المنتخب الوطني المغربي مع نظيره البلجيكي، والتي انتهت بهدفين لصالح أسود الأطلس، برسم نهائيات كأس العالم، (أظهرت) روحا وطنية لدى المغاربة لا يعرفها كثيرون من “المتنفذين”، حيث تحكمت الروح الوطنية في الجميع، وخرج المغاربة عن بكرة أبيهم معبرين عن فرحهم وسرورهم بهذا الفوز، متنافسين خلافاتهم ومتناسين الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، لأن اللحظة ليست لحظة حسابات ناهيك عن تصفية حسابات.
المغاربة وطنيون لما يجدون ما يوحدهم، وفي هذا رسالة لخصوم الوطنية بالداخل والخارج، خصوم الوطن كلهم من الخارج لكن خصوم الوطنية يوجدون في الداخل، وهم أولئك الذين يبحثون عن مصالحهم الشخصية ولا يبالون بمصير البلاد، والرسالة الموجهة لهؤلاء هو أن الروح الوطنية قادرة على هزم الخصوم في أي لحظة وحين، وكلما نادى الوطن يلبي أبناءه من غير حساب بل يبدلون الغالي والنفيس ولا ينتظرون إلا عز الوطن.
الرسالة هي أن المغاربة يوجد ما يوحدهم، وهناك فواعل كثيرة يمكن أن تكون عاملا موحدا، وأن ما يفرقهم قليل جدا، فهم موحدون حول وحدة المغرب الترابية، ومن يمس منها شبرا بل حبة رمل مصيره أن يدهسه المغاربة تحت أقدامهم، ويزحفوا كبيرهم وصغيرهم فداء للوطن، وهم موحدون حول الملكية وإمارة المؤمنين، بما هي ضامنة وحامية للاستقرار، كما أنهم موحدون حول الدين والقيم المحلية، التي لا يمكن اختراقها من قبل فئات متغربة.
معنى ما حدث البارحة هو أن المغاربة كلما وجدوا عنصرا يتوحدون حوله تجدهم كالجسد الواحد، إذا تداعى له عضو بالسهر والحمى تداعت باقي الأعضاء بالسهر والحمى، أي أن ما يمس واحدا من المغاربة يمس الباقي، وفي قضايا عديدة خرج المغاربة معبرين عن وحدتهم التاريخية، التي لا يدخلها دخن.
لكن الحكومة مطالبة اليوم باقتناص المعنى ومعرفة ما يوحد المغاربة والبحث عنه وتنميته، والابتعاد عن كل ما يفرق المغاربة وتحاربه لا أن تقوم هي بدعمه وتنميته، وكل ما تقوم به الحكومة اليوم يسير في اتجاه التفرقة ولهذا لا يلتف حولها المغاربة، وهم متفرقون من حولها مصداقا لقوله تعالى “ولو كنت فضا غليظ القلب لانفضوا من حولك”، وما أكثر قساوة هذه الحكومة التي لا قلب لها على المواطنين.
لا يمكن أن يجتمع حولك المغاربة وهم يرون رئيس الحكومة يغتني خلال أزمة كورونا، فالمغاربة قادرون على التضحية حتى بقوتهم لو كانوا يرون النموذج، وعندما أعطى جلالة الملك تعليماته لإنشاء صندوق لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، هب المغاربة قاطبة للمساهمة فيه، فالذي لا يملك شيئا تبرع بعشرة دراهم وذلك أضعف الإيمان، لأنهم يعرفون أن جلالته سيكون قائما على صرفه في أوجهه الصحيحة وفعلا تمكن المغرب بواسطة هذا الصندوق من حل إشكال كبير يتعلق بالإغلاق التام الذي دام ثلاثة أشهر.