أثار تزامن حضور رئيس مجموعة لبنك الدولي للمغرب ولقائه برئيس الحكومة مع إعلان والي بنك المغرب رفض المملكة لمطالب البنك بالمضي قدما في تحرير العملة المغربية وتنفيذ توصيات البنك، الاستغراب من رئيس الحكومة وتمسكه بتنفيذ توصيات البنك الدولي أمام شجاعة عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب الرافض لتنزيل سياسة البنك الدولي في تعويم الدرهم المغربي ، حيث خاطب الوالي صندوق النقد الدولي قائلا، ” قولوا ما تريدون واكتبوا ما شئتم ونحن نعرف أوضاعنا الداخلية أحسن منكم، لا بد أننا سنمضي في العملية ولن نتوقف، لكن بعد أن نتأكد من أن الجميع مستعد، هناك مخاطر خاصة يجب على البنوك أن تتهيأ لها، وهذا ما شرحناه لبعثة صندوق النقد الدولي، لا الزبناء ولا النسيج الاقتصادي ولا البنوك، مستعدة 100 في المائة، بخصوص التعويم أو التحرير، قلنا لهم اكتبوا ما شئتم ونحن سنقرر ما يخدم مصلحتنا”.
و استقبل رئيس الحكومة، عزيز أخنوش،بمقر رئاسة الحكومة بالرباط، رئيس مجموعة البنك الدولي، ديفيد مالباس، الذي يقوم بزيارة عمل إلى المغرب، حيث ذكر بلاغ لرئاسة الحكومة، أنه تم خلال هذا اللقاء التداول حول الظرفية العالمية المتسمة بالمبادرات الرامية لتحقيق الانتعاش الاقتصادي والخروج من تداعيات وباء كورونا وموجة ارتفاع أسعار المواد الأولية بالعالم، و أكد أخنوش عزم المملكة على مواصلة تنفيذ مجموعة من الإجراءات الرامية للحد من تداعيات جائحة كورونا، وتحفيز الاستثمار الخاص، وتحقيق الانتعاش الاقتصادي، و جدد رئيس مجموعة البنك الدولي التزام المجموعة بدعم ومواكبة التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي يعرفها المغرب، مؤكدا أن المملكة تتوفر على الإمكانيات الضرورية للخروج من تداعيات الأزمة الناتجة عن جائحة كورونا.
و رفض عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، الرضوخ لمطالب صندوق النقد الدولي، المتعلقة بالمرور إلى مرحلة جديدة من تحرير سعر صرف الدرهم، وقال الجواهري، “عدة مرات تحدثنا في الموضوع مع بعثة صندوق النقد الدولي، وناقشنا شروطنا المسبقة، من حيث الوضعية الاقتصادية العامة للمغرب، لكي يمكننا الذهاب في تحرير الدرهم”، وأضاف الوالي، “البعثة اجتمعنا معها عن بعد، وقال الصندوق في تقرير لهم، إن المغرب له من الشروط التي تسمح بالاستمرار في التحرير، بما في ذلك السياسة النقدية المضبوطة، والتحكم في عجز الميزانية ووجود احتياطي مهم من العملة الصعبة”، مضيفا، “قلنا لهم هذا موجود ولابد من توفره للمرور إلى المرحلة الجديدة، لكنها مرحلة صعبة جدا، اشترطت عدم المرور إلى المرحلة الثانية، إن لم أقتنع بأن المقاولات الصغيرة والمتوسطة مستعدة جيدا لكي نمر إلى المرحلة الثانية”.
وقال والي بنك المغرب ، “لا أتحدث عن الشركات الكبرى بل الصغيرة والمتوسطة، لأن خصوصية النسيج الاقتصادي المغربي، هي أن 90 في المائة من المقاولات المغربية صغيرة، و8 في المائة أو 9 في المائة متوسطة والكبرى فقط 1 في المائة”، مشيرا إلى أنه “لا يمكن المرور إلى مرحلة جديدة، دون التأكد من استعداد الشركات الصغيرة في العلاقة بعملياتها التجارية أو استثماراتها أو عمليات الادخار”.
وشدد الجواهري على أن “الناس ليسوا على بينة من منتوجات التغطية وما يمكن استعماله، الجولة التي قامت بها البنوك أكدت أن الشركات غير مهيأة”، وقال والي بنك المغرب ، “ربي ألهمنا حين كنا في مرحلة الوباء، وقررنا عدم الاستمرار في تحرير الدرهم، ما قدك فيل زادوك فيلة، وأضيفت الحرب الأوكرانية، ولو كنا قررنا المضي، كان سيكون ذلك اليوم؟، إذا لابد من التريث”.
و قال والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، إنه لا مخاطر تهدد الأبناك المغربية، بعد العقوبات التي فرضت على روسيا في سياق الحرب في أوكرانيا، مؤكدا على ضرورة البحث عن بديل لـ” سويفت”، وأشار الجواهري، في الندوة الصحفية، التي عقدها، على إثر التئام مجلس البنك المركزي، اليوم الثلاثاء الثاني والعشرين من مارس بالرباط، أنه يجب مع ذلك انتظار القيام بتقييم من أجل الوقوف على الوضعية.
وأكد الجواهري في سياق أجوبته، على أن فروع البنوك المغربية في الخارج، تلقت تعليمات من السلطات المشرفة على القطاع البنكي في البلدان المحتضنة لها، بتطبيق العقوبات التي تصدرها في حق روسيا، و أكد الجواهري على أنه يجب البحث عن بديل لـ” سويفت” المتعمد في المعاملات بين البنوك، بعد إقصاء روسيا منه، وشدد على أنه يفترض في متخذي القرار على صعيد الدول المصدرة للعقوبات استثناء بعض الفئات من المنع الذي طال المعاملات مع روسيا، مستحضرا حالة خمسة آلاف من الطلبة من المغاربة الذين يوجدون بروسيا.
و أكد والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، أن المغرب لا يشهد حاليا حالة ركود، وأوضح الجواهري أن المملكة لا تمر بفترة ركود تضخمي « بل على العكس نحن في مرحلة ضغوط تضخمية تتأكد ، وأضاف أن الضغوط التضخمية أضحت ملموسة، سواء في البلدان المتقدمة أو الناشئة، مسلطا الضوء على المسار التصاعدي للتضخم الذي ارتفع من 1،4 بالمائة في 2021 إلى معدل يتوقع أن يبلغ 4،7 بالمائة في 2022.
وأشار إلى أن سنة 2022 تتسم بالتضخم المستورد، معتبرا أنه من الضروري إجراء تحديث أكثر تواترا لمؤشر أسعار المستهلك في هذه الظرفية، و أشار والي بنك المغرب إلى الحفاظ على سياسة نقدية استيعابية عبر نمو اقتصادي ضعيف تباطأ في أعقاب تراجع القيمة المضافة الفلاحية، مسجلا أن الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي عند 1،5 بالمائة يأخذ بعين الاعتبار توقع عودة التضخم إلى مستويات معتدلة سنة 2023.